
جاء اسم “بينالي” من الكلمة الإيطالية Biennale، والتي تعني “كل سنتين” أو “كل عامين ” ،حيث أُطلق هذا المصطلح لأول مرة في مدينة البندقية الإيطالية للإشارة إلى معرض فني عالمي يُقام مرة كل عامين، ويجمع بين الفنون التقليدية والمعاصرة.
وقد أصبح هذا النموذج الثقافي والفني وسيلة لإبراز الإبداع الفني في مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك الفنون الإسلامية التي تحمل بُعدًا روحانيًا وتاريخيًا غنيًا.
وفي سياق ما تشهده المملكة من نهضة شاملة وملامح ازدهار على مختلف المستويات؛ فقد رأت وزارة الثقافة السعودية إن تواكب هذه النهضة الشاملة بإنشاء مؤسسة بينالي الدرعية بهدف الإعلاء من تقدير مكانة الثقافة والفنون في المملكة.
خاصة الفنون الإسلامية، ليُعنى البينالي بعرض تحفٍ تاريخيةٍ وأعمالٍ فنيةٍ تعكس الحضارة الإسلامية بمختلف أبعادها، مع تسليط الضوء على الطرق التي استخدمها الفنانون عبر العصور للتعبير عن المعاني الإيمانية العميقة. كما يشمل المعرض أعمالًا معاصرة تعبّر عن الهوية الإسلامية بوسائل فنية حديثة، مما يتيح للزوار فرصة استكشاف تنوع الفنون الإسلامية عبر الأزمنة المختلفة.
ومن هذا المنطلق انطلاق بينالي الفنون في السعودية لتشهد انطلاقة بينالي الفنون المعاصرة، متماشيةً مع النموذج العالمي لهذا الحدث الفني.
ومن أبرز الفعاليات التي نظمتها المملكة تحت هذا الاسم
-بينالي الدرعية: الذي أُطلق لأول مرة في عام 2021 بتنظيم من مؤسسة بينالي الدرعية، ليكون منصة دولية تعكس التفاعل بين الفنون العالمية والإبداع السعودي، ثم جاء بعده للمرة الثانية بينالي الفنون الإسلامية في جدة: الذي انطلق في عام 2023، وهو أول بينالي من نوعه يُخصص بالكامل للفنون الإسلامية، حيث أقيم في صالة الحجاج بمطار الملك عبد العزيز بجدة في ذلك الوقت ؛ ليكون شاهدًا على لقاء الحضارات وتاريخ الحجيج المسلمين القادمين من مختلف أنحاء العالم.
وفي هذا العام 2025 يعاود الإنطلاق في جدة بصالة الحجاج في مطار الملك عبدالعزيز الدولي من 25 يناير حتى 25 مايو ؛ لتعزيز الروابط الثقافية وتوسيع فهم الفن الإسلامي عالميًا، وتوفير منصة للفنانين لاستكشاف الروحانية ولقاء الماضي والحاضر.
كما يقدم بينالي الفنون الإسلامية منصة شاملة لاستضافة وتشجيع الحوار وتوسيع المعرفة بالفنون الإسلامية، وذلك من خلال ما يوفره من فرص للبحث والتأمل والتعلم في مختلف المجالات، ويعرض البينالي تحفاً تاريخية من مختلف الثقافات الإسلامية، جنباً إلى جنب مع أعمال من الفن المعاصر، وذلك في محاولة لاستكشاف عمق المعاني الإيمانية، والتعرف على طرق التعبير الإبداعي عنها من خلال الفكر والحس والإبداع، كما يوفر البينالي منصة فريدة للفنانين لاستكشاف موضوعات تشمل الإيمان والهوية والتقاطعات بين الماضي والحاضر، مع تعزيز الروابط الثقافية والتعريف بالفنون والثقافة الإسلامية على المستوى العالمي.
و يعد إطلاق بينالي الفنون الإسلامية جزءًا من التوجه الثقافي الكبير الذي تتبناه المملكة ضمن رؤية السعودية 2030، والتي تهدف إلى تعزيز الفنون والثقافة كأحد ركائز التنمية المستدامة. وفي رأيّ الشخصي إن من أبرز المكتسبات التي سيحققها هذا الحدث الفني للفنون الإسلامية التي تتماشى مع رؤية السعودية 2030 :
-تعزيز الهوية الإسلامية عالميًا: من خلال إبراز الفنون الإسلامية التقليدية والمعاصرة، يسهم البينالي في نشر الثقافة الإسلامية وتعزيز فهمها عالميًا.
-جذب السياحة الثقافية: يُعد البينالي نقطة جذب للزوار من داخل المملكة وخارجها، ما يعزز مكانة السعودية كوجهة ثقافية عالمية.
-تمكين المواهب المحلية: يوفر المعرض منصة للفنانين السعوديين لعرض أعمالهم والتفاعل مع الفنانين العالميين، مما يعزز التبادل الثقافي والإبداعي.
-تنمية الاقتصاد الإبداعي: يسهم البينالي في دعم الصناعات الثقافية والإبداعية، مما يخلق فرصًا جديدة للاستثمار في قطاع الفنون.
-إحياء الفنون الإسلامية بطرق معاصرة: يساعد البينالي في تجديد الفنون الإسلامية ودمجها مع الأساليب الحديثة، ما يجعلها أكثر ارتباطًا بالجيل الجديد.
وبهذا يُعد بينالي الفنون الإسلامية في السعودية علامة فارقة في المشهد الثقافي والفني، حيث يجمع بين التراث الإسلامي العريق والفن المعاصر في فضاء يعكس روح الابتكار والتجديد.
واخيراً إن بينالي الفنون الإسلامية: هو لقاء الإبداع والتراث في قلب الثقافة الإسلامية ” السعودية ”
واستمرار مثل هذه الفعاليات ومواصلة المملكة لتعزيز مكانتها سيجعلها حاضنة للفنون والثقافة، مما يسهم في تحقيق أهداف رؤية 2030 في بناء مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر.