كم نحن بحاجة إلى مراكز صيانة متقدمة في صيانة الآلات والسيارات والمعدات الثقيلة، وهي – بالمناسبة – موجودة في المدن الكبرى، وحقيقةً أنها مراكز عالية الجودة، مضمونة الأداء، ذات سمعة مرموقة، لكنها تحتاج إلى بعض التطوير. ونتوجه بهذه الفكرة وتلك الأمنيات إلى تجارنا المحترمين ورجال الأعمال الأفاضل أصحاب الوكالات العالمية الذين يستوردون تلك السيارات والمعدات والآلات، ويلتزمون بتوفير مراكز للصيانة وبيع قطع الغيار.
حيث نتمنى أن تستقطب تلك المراكز، مع العامل الفني والخبير الأجنبي، الشبابَ السعودي الذين تخرجوا من المعاهد المهنية والكليات التقنية، لتؤهلهم تأهيلاً تخصصياً، شريطة أن يعملوا بعد التأهيل في المركز مدة لا تقل عن خمس سنوات، وإلا سيضطر إلى دفع تكاليف التأهيل قبل إخلاء طرفه.
ونتمنى أن تحتوي تلك المراكز على عدة مرافق خدمية، ويكون من ضمن مرافقها مسجد، وصالة طعام، وفصل دراسي، وصالة ترفيه، ويكون الدوام فيها على فترتين متواصلتين دون خروج من المركز، على سبيل المثال: من الساعة 8:00 صباحاً حتى الساعة 12:00 ظهراً، ثم يكون هناك وقت للصلاة وتناول وجبة الغداء والترويح عن النفس داخل المركز، ثم عند الساعة 2:00 ظهراً يستأنف العمل حتى الساعة 6:00 مساءً.
ويُمنح الفني السعودي راتباً مجزياً، وحوافز مالية، وعلاوات سنوية، وترقيات وظيفية، ليضمن المركز استمراريته معهم وولاءهم له وتفانيهم في خدمة عملائهم. ولا يمنع ذلك من تطبيق أنظمة وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية على كل موظف في حالة تقاعسه أو تهاونه في أداء الأعمال الموكولة إليه.
تلك الآمال والطموحات التي نتمنى تحقيقها شاهدتها واقعاً ملموساً في كثيرٍ من الدول الصناعية التي زرتها في الشرق والغرب، كما أنني شاهدتها في بعض المراكز المتخصصة في وطننا الغالي، بل وقد زرت معاهد تدريب متخصصة مثل المعهد السعودي الياباني ومعهد الجفالي لتصنيع سيارات مرسيدس وغيرها، وشاهدت بعض ما أشرت إليه، لكن المطلوب انتشارها بشكل أكبر لتستوعب أكبر عدد من أبناء وبنات الوطن، مع ضمان استمرارية عطائهم وتطوير أدائهم.
ومما يدعو للفخر والاعتزاز أنه يوجد لدينا في المملكة العربية السعودية أكثر من عشرين وكالة سيارات عالمية، ومثلها وكالة معدات ثقيلة، فضلاً عن وكالات الآلات الإلكترونية والتقنية والتجهيزات، وجميعها تحتاج إلى أيدٍ عاملة تساهم في البناء والإصلاح، ومعاهدنا المهنية وكلياتنا التقنية تحتفل بتخريج الآلاف من شبابنا المؤهل سنوياً، الذين لا يحتاجون سوى تأهيلاً تخصصياً بسيطاً لا يتجاوز – بأي حال من الأحوال – الستة أشهر، وسيقدمون كل ما بوسعهم من أجل سمعة هذا الوطن العزيز وخدمة مواطنيه ومن يقيم على أرضه في مجال تخصصاتهم.
ونظراً لاتساع مساحة المملكة العربية السعودية، وحاجة محافظاتها إلى المزيد من مراكز الصيانة في مختلف المجالات، فإننا نتمنى أن يشمل اهتمام الوكلاء ورجال الأعمال عمل تلك المراكز النموذجية في جميع مناطق المملكة، لتستوعب عدداً أكبر من أبنائنا وبناتنا خريجي المعاهد المهنية والكليات التقنية الذين نفخر ونفاخر بهم، ولله الحمد، في ظل ما ننعم به من ثورة اقتصادية فاقت التصورات.
• كاتب رأي ومستشار أمني