كانت تكتب باسمٍ مستعار…“مروج الذكريات”،
تُعلّق أوراقها على حائط المدرسة كل صباح، فتجتمع حولها المعلمات والزميلات،
يقرأنها، ويبتسمن، ويتساءلن: من هذه التي تعرف الحنين جيدًا رغم عمرها الصغير؟
لم تكن “مروج” يومًا تبحث عن التصفيق، كانت فقط تكتب لتتنفّس.
وكانت عبير… صديقتها، جارتها، ظلها الآخر، رفيقتها في الفسحة، وشريكتها في الدعاء.
كبرتا معًا، تقاسمتا الممرات والضحكات، ثم افترقت بهما الحياة بعد الزواج،
ومضت “مروج” إلى مكة المكرمة، وظلت عبير في الرياض.
تعبت عبير… ومرضت.
وغاب الجسد خلف الجدران البيضاء.
وظلت “مروج” تشتاق… تنتظر الإجازة لتزورها،
لكن القدر لم يمنحها الفرصة.
رحلت عبير،
ورحلت معها قطعة من القلب.
وفي يومٍ باكر،
طرقت حمامةٌ نافذتها.
نظرت إليها، ففهمت الرسالة قبل أن تُقال.
جلست تبكي… وتكتب،
لا تذكر كل ما خطّته يدها،
لكنها تذكر تلك الحمامة، وتلك الغصة، وتلك اللحظة التي تحوّلت فيها من فتاةٍ تكتب،
إلى امرأة تُخفي الحروف داخل قلبها.
مرت الأعوام… ربع قرن،
واختفى اسم “مروج الذكريات”،
ثم عاد اليوم، على حين غفلة من الصبر.
عادت لتقرأ قصة كُتبت عنها،
فبكت… وابتسمت… وتذكرت.
الآن، لا تكتب “مروج” على حائط المدرسة،
بل تكتب في دفتر الروح،
ولم تسمِّ ابنتها “مروج” صدفة،
بل لتبقى الذكرى حيّة،
ولتبقى عبير، رغم الرحيل… قريبة.