المقالات

وحدة العرب الطريق الوحيد للبقاء

بكل فخر ووعي بالتاريخ، تنادي الشعوب العربية قادتها ليدركوا حقيقة لا مفر منها: لا مستقبل لهذه الأمة دون وحدة حقيقية. فلا نهضة تُبنى، ولا كرامة تُسترد، ولا مكانة تُحفظ إلا بتضافر الجهود وتوحيد الإرادات. إن موقفًا عربيًا واحدًا قويًا هو الضامن الوحيد لصد الأطماع وكسر قيود التبعية ودرء مخاطر التفتيت والتشرذم التي تتربص بالأمة من كل حدب وصوب.
وفي قمة بغداد،
تطالب الشعوب قادتها بألا يتركوا أي قطر عربي يواجه أزماته وحيدًا، بل أن يتحلوا بروح التضامن الحقيقي ويتحملوا مسؤوليتهم التاريخية في نصرة الأشقاء. فالأمن العربي كتلة واحدة لا تتجزأ، والمصير العربي مصير مشترك لا يقبل التهاون أو التراخي. أليس ما يحدث في غزة اليوم خير دليل على مرارة التفرق ومرارة الخذلان؟ الدماء تسيل، والجرحى يصرخون تحت الحصار، والبيوت تتداعى فوق رؤوس أهلها، بينما الصمت العربي الرسمي يصم الآذان ويذكي الأسئلة المحيرة عن جدوى كل تلك الشعارات عن الأخوة والتكافل.
إن الأمة التي لا تستطيع حماية أبنائها هي أمة محكوم عليها بالضعف والانهيار.
ومن هنا تبرز الحاجة الملحة إلى قوة عربية مشتركة، ليس كخيار ثانوي، بل كضرورة وجودية لا غنى عنها. قوة تردع العدوان، وتوحد الصفوف، وتحمي الأرض والعرض من أي اعتداء. فهل يعقل أن تبقى الأمة العربية غائبة بينما الآخرون يتقاسمون أدوار الهيمنة والتأثير
ألم يحن الوقت لقلب تلك المقولة القاسية التي تتردد في أروقة السياسة: الروم حاضرة،
والفرس عائدة،
والعرب غائبة
أين نحن من هذا المشهد الذي يرسمه الآخرون بأيدينا؟
أين هي إرادة الأمة التي صنعت أمجادًا عبر التاريخ؟
إن المستقبل لا يُمنح للأمم الضعيفة، بل يُصنع بإرادة قوية وعزيمة لا تلين. لقد حان الوقت لكي يتجاوز العرب خلافاتهم وينبذوا الطائفية المدمرة التي مزقت نسيج الأمة. حان الوقت لأن تتوحد الدول العربية في كيان يحترم سيادة القرار ويحصن الأمة من تدخلات المليشيات والقوى الخارجية.
فالتاريخ يعلمنا أن الأمم التي لا تقوى على الدفاع عن نفسها تصبح لقمة سائغة لأعدائها.
إن طريق الوحدة هو الطريق الوحيد للبقاء. فإما أن يتحد العرب ويبنوا قوتهم، وإما أن يظلوا ضعفاء ممزقين، عرضة لكل خطر. الخيار بين أيديهم، والوقت يدق ناقوس الخطر. فهل من مستجيب؟

أ. د. عائض محمد الزهراني

نائب الرئيس لإتحاد الأكاديميين والعلماء العرب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى