في زمنٍ لم تعد فيه الأمية تعني فقط عدم القدرة على القراءة أو الكتابة، ولا حتى الجهل باستخدام الإنترنت، ظهرت أمامنا طبقة جديدة من الأمية، وهي: “أمية الذكاء الاصطناعي”
فلم يعد يكفي أن تعرف كيف ترسل بريدًا إلكترونيًا، أو تُعد عرضًا تقديميًا، أو تصمم إنفوجرافيك، أو تنتج فيديو احترافيًا، أو تنشئ موقعًا إلكترونيًا. بل أصبح من الضروري أن تُجيد استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي الحديثة، وأن تفهم كيف تتفاعل معها بلغتها الخاصة.
في حقيقة الأمر، نحن اليوم نعيش في مرحلة لم تعد فيها المهارات الرقمية التقليدية كافية. فالمهارات المطلوبة حاليا أصبحت تشمل التعامل مع أدوات الذكاء الاصطناعي، وتعلم فن هندسة الأوامر (Prompt Engineering)، وفهم مبادئ النماذج اللغوية الكبيرة (LLMs)، فقد تحمل شهادات عليا، وتجيد أكثر من لغة، وتستخدم الأجهزة الذكية طوال يومك، لكن إن لم تكن قادرًا على استخدام هذه الأدوات أو لم تطّلع على مفاهيم مثل “الذكاء التوليدي” أو “اللغة الطبيعية” (NLP)، فأنت خارج النطاق المهني والمعرفي الجديد.هذه الأمية لا تتعلّق بعدم القدرة التقنية فقط، بل تُعبّر عن غياب القدرة على الانخراط في بيئة العمل الحديثة، التي باتت تعتمد على التكامل بين الإنسان والأدوات الذكية في إنتاج المعرفة، واتخاذ القرار، وإنجاز المهام بكفاءة.
وسط هذا التحول، برزت بعض المبادرات المهارية التعليمية التي أشار إليها عدد من الخبراء، ومن أبرزها ما نشرته الدكتورة انتصار الكيال – أستاذة الذكاء الاصطناعي – والتي قدّمت خارطة طريق مجانية ومصنفة بوضوح إلى مسارين للتعلم الذاتي:
المسار الأول يركّز على النماذج اللغوية الكبيرة LLMs) ( أما المسار الثاني، فيُعنى بالتطبيقات العملية للذكاء الاصطناعي، ويستهدف المهنيين في مجالات التعليم، والإدارة، والإعلام، وغيرهم، لتطوير إنتاجيتهم ورفع كفاءتهم باستخدام أدوات جاهزة وسهلة الاستخدام.
ما يُميز هذه الخارطة أنها ليست فقط متاحة مجانًا للجميع، بل إنها مصممة لتكون عملية ومباشرة، تبدأ من المفاهيم الأساسية وتنتهي بالقدرة على الاستخدام الفعلي في الحياة والعمل. وهي لا تتطلب خلفية برمجية، بل وعيًا واستعدادًا ذاتيًا للتعلم. فإذا كنت في بداية الطريق وتشعر بأنك تعيش حالة من التردد ولا تعرف من أين تبدأ، فربما تكون خارطة التعلم الذاتية التي أشارت إليها الدكتورة انتصار الكيال عبر حسابها على منصة “لينكدإن” هي الفرصة التي تنتظرها. وللاطلاع عليها يمكن زيارة الرابط التالي:
https://www.linkedin.com/in/entisaralkayal
بعد كل تلك المصادر المتاحة، والدورات وورش العمل، من المؤسف أن البعض لا يزال يظن أن شهادته الجامعية تكفي، بينما الحقيقة أن العالم يتقدم بأدوات جديدة، ومن لا يتعلّمها قد يجد نفسه خارج المنافسة، حتى لو كان خبيرًا في مجاله. فالذكاء الاصطناعي اليوم لم يعد ترفًا أو تخصصًا نخبويًا، بل أصبح مهارة بقاء لا غنى عنها لكل فرد في المجتمع، أياً كان مجاله. نحن لا نعيش فقط عصر الذكاء الاصطناعي، بل عصر لغة الذكاء الاصطناعي، اللغة التي يجب أن يتقنها الجميع بلا استثناء، حتى لا يعود إلى زمن الأمية.
• أكاديمية متخصصة في الإعلام الرقمي ومدربة في مجال الذكاء الاصطناعي