قبل يومين، اجتمعتُ مع أحد الأصدقاء للحديث وتناول القهوة في أحد المقاهي، ولفت انتباهي كثرة الطلاب والطالبات يجتمعون لتبادل المعلومات والمذاكرة. لكن ما لاحظته هو أن الجو العام لم يكن مناسبًا للتركيز، لا من حيث الإضاءة ولا الضوضاء، ولا حتى من حيث الجلسات المريحة أو إمكانية النقاش المثمر. وهذا ما يدفعنا للتفكير في مدى جدوى هذه اللقاءات المفتوحة والطويلة في الأماكن العامة.
لقاءات المقاهي والشاي قد تكون محفّزة اجتماعيًا وتكسر الرتابة، لكنها ليست بالضرورة بيئة مناسبة للاستيعاب أو الحفظ أو النقاش العلمي العميق. ولهذا، يُنصح – بدلًا من جعلها أوقاتًا طويلة للمذاكرة – أن يتم تقنينها وتحديدها كمراجعات خفيفة لا تزيد عن ساعة، تُعقد مرة أو مرتين في الأسبوع فقط، وتُركّز على تبادل الملاحظات السريعة أو حل بعض الأسئلة المهمة. بهذه الطريقة تجمع بين الفائدة والتنظيم دون هدر وقتك أو طاقتك الذهنية.
ومع اقتراب موعد الاختبارات العملية والشفهية قبل إجازة عيد الأضحى (تبدأ 2 ذو الحجة)، ثم انطلاق الاختبارات التحريرية مباشرة يوم 19 ذو الحجة، فإن التنظيم والاستعداد المسبق هما طريق النجاح.
الوقت محدود، لكن بإدارة ذكية وجهد منتظم، يمكن تحويل ما تبقى من أيام إلى خطوات ثابتة نحو التفوق. إليك خارطة الطريق العملية، مقسّمة زمنيًا ومليئة بالنصائح القابلة للتطبيق:
من الآن وحتى 25 ذو القعدة: بداية التحضير الجاد
• نظّم كتبك ودفاترك ورتّبها حسب جدول الاختبارات.
• ابدأ بمذاكرة المواد العملية والشفهية التي سيُختبر فيها قبل الإجازة، مع تخصيص وقت ثابت لمواد الاختبارات التحريرية.
• قسّم يومك إلى ثلاث جلسات مذاكرة:
• صباحًا لمادة تعتمد على الفهم.
• ظهرًا لمادة عملية أو مراجعة تطبيقية.
• مساءً لمادة حفظية.
• استخدم طريقة “40 دقيقة مذاكرة + 10 دقائق راحة”، وكرّرها ثلاث مرات يوميًا.
• اختر مكان مذاكرة هادئًا ومنظمًا، بإضاءة جيدة وكرسي مريح، وتجنب المذاكرة على السرير.
• قلل من استخدام الجوال، أو استخدم تطبيقات تقلل الإلهاء.
• اتبع نظامًا غذائيًا يدعم التركيز:
• فطور غني بالبروتين مثل البيض أو اللبن مع تمر.
• مكسرات وفواكه خفيفة أثناء اليوم.
• تجنّب السكريات الزائدة والمشروبات الغازية والكافيين المفرط.
• ابدأ من الآن في ضبط نومك، واجعله ثابتًا ومتوافقًا مع وقت بدء الاختبارات؛ فهذا التوافق يهيئ الجسم والعقل للأداء الأمثل في يوم الاختبار.
• ولا تنسَ أن تضيف لمذاكرتك متعة الاكتشاف لا مشقة الحفظ، فحاول أن تقرأ وأنت تستمتع بالمعلومة لا كأنها عبء مفروض، تخيّل الحقبة الزمنية التي ظهرت فيها النظرية، أو كيف أثّرت التجربة على حياة الناس، أو حتى موسيقى الكلمات في القصائد. هذا الأسلوب لا يجعل المذاكرة أخف وأسهل فحسب، بل يساعد أيضًا على تثبيت المعلومات بعمق ويقلل من التوتر والقلق.
من 26 ذو القعدة إلى 2 ذو الحجة: أسبوع الاختبارات العملية والشفهية
• خصص الصباح لمراجعة مواد اليوم، والمساء لمواد الغد.
• بعد كل اختبار عملي أو شفهي، راجع أداءك، ودوّن الملاحظات لتجنب تكرار الأخطاء.
• لا تنقطع عن المواد التحريرية؛ ساعة يوميًا كافية للحفاظ على استيعابها.
• إن رغبت في المراجعة مع أصدقائك، فالتقِ بهم في لقاء مختصر ومنظم لا يزيد عن ساعة، واحرص أن يكون الهدف واضحًا (مراجعة محددة، تبادل أسئلة، توضيح فكرة معينة).
إجازة عيد الأضحى (3 – 18 ذو الحجة): مراجعة خفيفة واستعداد ذهني
• خصّص ساعتين يوميًا لمادة أو مادتين، ويفضل أن تكون المذاكرة في الصباح بعد فطور صحي.
• ركّز على المواد الأساسية التي ستبدأ بها الاختبارات.
• استغل الأيام الأولى للراحة النسبية، لكن لا تقطع المراجعة تمامًا.
• في الأيام الأخيرة من الإجازة، كثف مراجعتك، وحل نماذج أسئلة سابقة.
• حافظ على توقيت النوم المتوافق مع وقت الاختبارات.
من 19 ذو الحجة: أيام الاختبارات التحريرية
• استيقظ مبكرًا وتناول فطورًا متوازنًا وخفيفًا (تمر + لبن، أو بيضة + خبز بر).
• لا تراجع كثيرًا قبل دخول قاعة الاختبار؛ راجع باختصار وهدوء.
• بعد كل اختبار، خذ استراحة ذهنية، ثم استعد لاختبار اليوم التالي دون ضغط زائد.
• لا تسهر، فالنوم الجيد هو جزء أساسي من النجاح.
في النهاية النجاح لا يُهدى، بل يُصنع. والخطة الذكية تُعطي نتائج تفوق التوقعات إن اقترنت بالنية والعمل. اجعل أيامك القادمة مراحل بناء، لا سباق قلق، وابدأ اليوم بخطوة ثابتة نحو النتيجة التي تطمح إليها. وتذكّر: كل معلومة تذاكرها هي أداة تُضيفها لمستقبلك، فاستمتع بها كما يستمتع العالم باكتشاف جديد.