على الرغم من توفر وسائل النقل الحديثة عن طريق الجو والبر والبحر في وقتنا الحاضر، إلا أن مواسم الحج تشهد عادةً بعضًا من النماذج لأشخاص وصلوا إلى مكة المكرمة بغرض أداء فريضة الحج باتخاذ طرق ومسالك غير اعتيادية وصعبة، فتجد منهم من جاء مشيًا على الأقدام، ومنهم من وصل على ظهور الجمال والحمير والخيول، أو غيرها من الوسائل البدائية في رحلات قد تستغرق أسابيع أو شهورًا.
من هؤلاء الحاج “سناد هادزيتش” الذي قدم قبل سنوات إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج مشيًا على الأقدام في رحلة استغرقت شهرين كاملين، قطع خلالها حوالي ستة آلاف كيلومتر، وعبر خلالها ست دول ليصل إلى المملكة، وبسؤاله عن السبب الذي جعله يقوم بهذه الرحلة المرهقة، قال إنه قام بذلك بسبب عدم امتلاكه المال الكافي، مما اضطره للاعتماد على ضيافة أهل الخير في تدبير المأكل والمشرب أثناء رحلته.
ومن مدينة كراتشي العاصمة الباكستانية، وصل مشيًا على الأقدام قبل سنوات إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج الحاج “كارازادا كسرت”، في رحلة قطع خلالها حوالي 3687 كيلومترًا، مر في طريقه بكلٍ من إيران، والعراق، والأردن، ثم إلى المملكة العربية السعودية عن طريق منفذ تبوك.
وكذلك الحاج “محمد ماباوتشين” من منطقة شينجيانغ التي تقع في الجزء الغربي من شمال الصين، قدم إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج مستخدمًا دراجته الهوائية، في رحلة استمرت قرابة أربعة أشهر، قطع خلالها أكثر من 7800 كيلومتر، ومر خلالها بدول عديدة، كان آخرها مملكة البحرين ومنها إلى المملكة عبر جسر الملك فهد الذي يربط بين المملكة والبحرين.
الحاج الإسباني من أصول جزائرية “إسحاق محمد”، وصل إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج في شهر نوفمبر من عام 2016م، قادمًا من العاصمة الفرنسية باريس مشيًا على الأقدام، قطع خلال رحلته تلك مسافة تساوي ثمانية آلاف كيلومتر تقريبًا، مر خلالها بست عشرة دولة، ومن الغريب أنه قام بالاستعانة بعربة نقل الأطفال لحمل أمتعته الشخصية، في رحلة استغرقت منه حوالي خمسة أشهر.
وأختم برحلة ثلاثة شبان إسبان للحج هذا العام من الأندلس في الجنوب الإسباني إلى مكة المكرمة على ظهور الخيول، والتي من المتوقع أن تستغرق رحلتهم نحو سبعة أشهر يقطعون فيها مسافة تساوي ثمانية آلاف كيلومتر تقريبًا.
سوف يواجه الحجاج الثلاثة خلال هذه الرحلة صعوبات جمة من التعقيدات على الحدود بين الدول التي يمرون بها إلى الثلوج والمرتفعات والطرق الوعرة، لكنهم مستمرون برحلتهم كما ذكروا، وذلك اقتداءً بأجدادهم في الأندلس الذين حجوا بنفس الطريقة قديمًا كما يقولون.

0