المقالاتعام

من الذي سحل المنتخب؟

لم أتناول أبداً في أي مقال لي عن منتخبنا، حُلواً كان أو مُراً، ماعدا في أغانينا التي قلناها في تلك الأيام الحلوة التي أصبحت من الماضي الجميل. ويبدو أن سطوة الأيام المُرة في السنوات الأخيرة أصبحت هي المسيطرة على المشهد الرياضي للمنتخب. وعلى ذكر الأيام المُرة، يبدو أن عدوى المرارة انتقلت إلى مرارة معظم الجمهور الرياضي التي تكاد تنفقع من كثر ما تسمع “هارد لك” و”معلّيش” و”الجيّات أحلى من اللي فات”، وهي كل مالها تزيد مرارة.

وفي حلم لي يُحاكي ربما الواقع، رأيت أن المستشفيات تستقبل الكثير ممن يعانون من مشاكل المرارة، وأن الأطباء احتاروا في تلك الظاهرة، فحاولوا جاهدين معرفة الأسباب علميًا، ولكن غمّ عليهم، رغم التحاليل الكثيرة في المعامل. ونضيف إليها تحاليل قنواتنا الرياضية، التي تزيد الهمّ همّين، ولا تفهم منها شيئًا من كثر الهواش والإنبراش.

فتحاليل معظم المتصدرين في القنوات الرياضية تُلقي الضوء المُبهر أحيانًا، وأحيانًا تُلقي الضوء الخافت على استحياء، يعني ممكن ضوء فانوس، لا بل يادوب ضوء شمعة. وذلك حسب الهوى. إذا كان صاحبنا نُهدئ اللعبة، وإذا كان ساحبنا نزيد الإشعاع وهات يا ضرب.

طبعاً تتوقعون أن أقول “من تحت الحزام”، لا فشر ذا، حتى الحزام ينزعونه ويضربونه به، حتى يقول “يمه أرحميني”… هذا إذا سمعته أمه.

المهم، بالصدفة أحد الأطباء (الأقانب)، والذي ما له في الكورة ولا اللي يتشدد لها، قال: يا جماعة، إن كل مريض يراجعنا أسمعه وهو تحت تأثير البنج يهذي ويقول: “يا منتخبنا، يا منتخبنا”، فهل كلمة “منتخبنا” هذه عندكو تعني مرض معين؟

فرد طبيب سعودي وقال: نعم يا دكتور، هذا مرض انتشر من عدة سنوات.
فقاطعه الأستاذ الدكتور وقال: يعني دا نوع من كورونا مثلاً؟
فرد السعودي وقال: لا، هذا نوع من “كوونا”.

وباتت متاعب المرارة يعانيها معظم جمهورنا الحبيب، الذي صار ما له في الطيب نصيب. ففي كل مباراة لمنتخبنا، همّ كل منهم الخوف على مرارته، كما أن البعض أصبح يبحث عن متبرعين مرارات احتياطاً. فجاءهم العلم أن كل المتبرعين كانت مراراتهم غير صالحة، يعني (Expired).

وجبتك يا عبدالمعين تعينني، لقيتك يا عبدالمعين تتعان.
طيب، من يتحمل تكاليف انفِقاع مرارات الناس؟ لأنه من المؤكد أن من تنفقع مرارته سيحاول على الأقل الحصول على مقابل، على قول المثل “العوض ولا القطيعة”، ولكن ما عندك أحد…

فيدندن:
يا مدوّر الهيّن ترى الكايد أحلى
واسأل مغني كايدات الطروقي

وإلى هنا انتهى ذلك الحلم. وأعود للواقع، وأقول: لقد ذكرت في مستهل المقال أنني لم أتناول أي موضوع عن المنتخب سابقًا، وربما كان ذلك زيادة في الحب، فمن الحب ما قتل، أو من ملالة سببها جفاء حبيبنا منتخبنا وتمنّعه عن إسعادنا.

ولكن صراحة الذي استفزني هو خروج منتخبنا صفر اليدين والرجلين بعد مباراته مع أستراليا، فلا حظوظ بالتأهل، ولا مستوى يحفظ بعض ماء الوجه. أما أخونا رئيس اتحاد الكرة الأستاذ ياسر المسحل، كل ما تعثرنا بالنتائج الخيبة، يخرج علينا ويقول إن المنتخب يتطوّر!

هذه المقولة مرة واسعة، وفيها تجنٍّ على فهم وعقلية الجمهور الرياضي، الذي “يفهمها وهي طايرة”، بل قبل ما تطير زي العصافير. ترى يا حبيبنا الجمهور ناس طيبين، ويبلعون الأعذار، حتى أحيانًا يغصّون بها من كبرها وسقمها.

ولكن يا طيب، هذه التصريحات زادت، مش حبّتين، بل حبوب واجد. أي تطور ومنتخبنا انسحل من محطة إلى محطة؟ أعطنا ما هي الإنجازات التي تحققت ومتى فرحنا؟

نعلم أن الأعمال أحيانًا يجانبها التوفيق، ولكن هذه ليست أحيانًا، بل تكرارًا. ونعلم أيضًا أن هناك أسبابًا متعددة لها دور في عدم تعافي المنتخب، ولكن القائد له دوره الأكبر، سواء عمليًا أو رمزيًا، فبالتالي عليه أن يتحمل المسؤولية.

كل قائد يتمنى النجاح، ولكن ما كل قائد بموفّق. لذا، فمن نافلة القول إنه قد آن الأوان للأستاذ ياسر المسحل أن يتخذ المبادرة ويترجّل ويترك المهمة لغيره.

لا بد من مراجعة جادة للأسباب المتعددة لسوء وضع المنتخب عامة، وليس لسوء نتائجه فقط. فليس من المعقول ولا المقبول، مع هذه الإمكانات الضخمة الكبيرة، والدعم اللامحدود، أن المنتخب يُحاكي مقولة شعبية: “للوراء يا جدعان”.

في الختام، سيظل سؤال: من سحل المنتخب؟ يتردد حتى يجد إجابة.

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. لن يترجل! لأنه ضامن للتأهل ان لم يكن من خلال الملحق (السهل جدا) فسوف يكون في المرحلة التالية.
    الرجل يطمح بالبقاء في الكرسي اطول فترة وربما يحلم بالكرسي حتى ٢٠٣٤ (ولا الومه) فمن حقه ان يحلم كما يشاء، إنما اللوم (كل اللوم) على (كل) مندوب نادٍ يمنحه صوته في الانتخابات! لأنه سوف يكون شريكا متضامنا معه في جريمة اغتيال المنتخب السعودي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى