عام

“كاشير”…حين تصبح الحياة طابورًا لا ينتهي!

✍️ جمعان البشيري

في زوايا السوبرماركت، يقف “الكاشير” بملامح جمّدت مع تكرار “هل عندك تطبيق؟”، و”تحب كيس؟”، و”ادفع الآن”. خلفه رفوف المنتجات، وأمامه طوابير متراصة من البشر، كلٌ ينتظر دوره ليسدد ثمن ما اختار، أو بالأصح، ما جرّه وراء عربة مجنونة في لحظة ضعف استهلاكي. لكن لوهلة… ألا يبدو “الكاشير” نسخة رمزية من الحياة نفسها؟

في عالم “الشراء والدفع”، يقف الكاشير شاهدًا على كل الأذواق، وكل الطبقات، وكل أنواع البشر: من يختار بعناية ويحاسب بدقة، ومن يرمي كل شيء دون حساب ثم يشتكي من الفاتورة، ومن ينسى محفظته ويتراجع خجلاً، ومن يحاول تجاوز الصف وهو يتصنع العجلة. أليست هذه الحياة؟ سوقٌ كبيرٌ، وقيمٌ تُباع وتُشترى؟ أخلاق فاضلة تُعرض أحيانًا في التخفيضات، ورذائل تُروج تحت لافتة “عروض مغرية محدودة”!

وفي الطابور، يقف الجميع بنفس الصبر الكاذب، بوجهٍ متوتر، ونظرةٍ تخفي عتبًا على الزمان الذي جعلنا نحيا بنظام “خذ رقم وانتظر”. إنها الصورة المصغرة لسباق الحياة المحموم: كلنا نركض لنصل إلى “دورنا”، نلهث خلف فرصة، وظيفة، علاقة، ترقية، أو حتى لايك!

*همزة وصل :

أمام هذا المشهد المتكرر يوميًا في مئات المتاجر، لا بد أن نتساءل:

هل نحن نعيش فعلاً، أم ننتظر دورنا على “كاشير” الحياة؟

هل نختار ما نأخذه، أم ننجرف مع العربة؟

وهل سندفع الثمن كاملاً، أم سيفاجئنا الحساب بشيء لم نحسبه؟

نخرج من المتجر ومعنا الفاتورة… ولكن تبقى الفاتورة الكبرى للحياة، مؤجلة حتى إشعارٍ آخر!

جمعان البشيري

محرر صحفي - جدة

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. أسأل الله أن يجعل وقوفنا بردا وسلاما
    حتى نضع أقدامنا في الفردوس الأعلى مع من نحب
    سلمت اناملك دائما متألق يا أبا سعود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى