كتبتُ غيرَ مرة عن هجرة الكفاءات والأدمغة من دول العالم الثالث إلى خارج بلدانها، في حين تحملت هذه الدول ضخَّ استثمارات مالية هائلة في تأهيل وتدريب هذه الكفاءات من أبنائها.
في تقرير تم نشره قبل مدة بعنوان “التدفقات العالمية للمواهب”، أشار إلى أن نحو (28) مليون مهاجر من أصحاب المهارات العالية يقيمون في بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، وأشار التقرير إلى أن هناك أربعة بلدان فقط هي (أمريكا، بريطانيا، كندا، أستراليا)، تمثل وجهة لما يقرب من (70%) من هؤلاء المهاجرين، كما أشار التقرير أيضاً إلى أن أمريكا وبريطانيا عادةً ما تستضيفان أكثر من نصف المهاجرين من ذوي المهارات العالية المتوجهين لبلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
دعاني للكتابة قصة تداولتها المواقع الإلكترونية عن عائلة إفريقية مهاجرة من أصول نيجيرية إلى بريطانيا، تُعتبر أذكى عائلة في إنجلترا، وتسمى عائلة “إيما فيدون”.
في هذه العائلة يوجد توأمان هما “بيتر” و”بولا”، حصلا على ما يعادل شهادة البكالوريوس وهما في سن التاسعة من العمر، وهما أصغر شخصين يدخلان جامعة كامبريدج العريقة منذ إنشائها، كما حطّما الرقم القياسي في الرياضيات لهذه الجامعة، وكلاهما أصبح من الأبطال الوطنيين في الرياضة.
والشيء الملفت هو أن هذا الرقم القياسي كان سابقاً من نصيب شقيقتهما الكبرى “كريستينا إيما فيدون”، التي حصلت على شهادة البكالوريوس وهي في سن الحادية عشرة من العمر، وفي سن الرابعة عشرة كانت تدرس الماجستير في الرياضيات والإحصاء، وتعمل حالياً أحد أعضاء هيئة التدريس في جامعة أكسفورد العريقة.
لم تنتهِ القصة بعد، فهناك أيضاً شقيقتهما “سامانثا إيما فيدون” والتي كانت في الصف التاسع وهي في سن الثامنة من العمر، وهي بطلة وطنية في سباق 100 متر، مما جعل أطفال هذه العائلة يحطمون جميع الأرقام القياسية.
والملفت أيضاً، أن والدهم الدكتور “كريس إيما فيدون”، والذي هاجر إلى بريطانيا من بلده الأم نيجيريا قبل حوالي (30) عاماً، كان عبقرياً في تخصصه في مجال التعليم واكتشاف المواهب والطفل العبقري، ونبوغ أطفاله دليل على إدراكه ونجاحه في هذه المهمة.
وفي مقابلة له مع إحدى الصحف البريطانية، وعند سؤاله عن السر في معرفته بالطفل العبقري، أجاب: “إن جميع البشر لديهم نفس الدماغ الذي يعمل بنفس الطريقة، فنحن جميعاً أذكياء، لكننا لسنا جميعاً مبرمجين على التعلم بنفس الطريقة”.