المقالات

السعودية سند الأمة

في عالم يعجّ بالأزمات وتتشظّى فيه الجغرافيا السياسية والإنسانية،
تظل المملكة العربية السعودية ثابتة في موقعها الأخلاقي والتاريخي،
حاملةً على عاتقها رسالة كبرى تتجاوز حدود الجغرافيا،
لتكون سندًا حقيقيًا للأمة، وضميرًا نابضًا بالوفاء
تجاه الأشقاء العرب والمسلمين.
ليست المملكة مجرّد قوة اقتصادية أو سياسية،
بل ركيزة حضارية تتعامل
مع قضايا الأمة بروح المسؤولية المشتركة،
لا بمنطق المصلحة العابرة.

منذ تأسيسها،
اختارت المملكة أن تضع الإنسان في قلب أولوياتها،
وأن تجعل من العطاء والنجدة جزءًا من هويتها،
انطلاقًا من رسالتها الإسلامية والعربية.
وقد بلغ إجمالي ما أنفقته المملكة على دعم الدول العربية والإسلامية حوالي 200 مليار دولار منذ تأسيسها، شملت مساعدات مباشرة، ومنحًا، وقروضًا تنموية ميسرة، ومشاريع بنية تحتية
وتعليم وصحة.
هذا الرقم الهائل لا يُعبّر فقط عن قدرة اقتصادية،
بل عن التزام حضاري ممتد، يعكس إيمان القيادة السعودية العميق بوحدة المصير،
وأصالة النهج.

ويتجلّى هذا الدور بوضوح
في الجهود الإنسانية والتنموية الحديثة، إذ قدّمت المملكة
عبر مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية أكثر من 6.4 مليارات دولار منذ عام 2015، امتدت إلى 94 دولة،
كان في طليعتها اليمن وسوريا وفلسطين والسودان. ففي اليمن، تجاوزت المساعدات السعودية حاجز 20 مليار دولار، شملت الغذاء والدواء، ورواتب الكوادر الصحية والتعليمية، وتأهيل البنية التحتية، في ظل صراع معقّد لم تقف فيه المملكة على الحياد الإنساني.
وفي سوريا، كانت المملكة في طليعة الدول التي هبّت لإغاثة المتضررين من زلزال 2023، إذ جمعت حملة “ساهم” الوطنية أكثر من 160 مليون ريال خلال ساعات، نُقلت مباشرة عبر جسور جوية إلى المناطق المنكوبة.
أما السودان، فقد شهد استجابة سعودية عاجلة، شملت تقديم 500 مليون دولار كمساعدات إنسانية، إضافة إلى استقبال آلاف المدنيين وتوفير الرعاية لهم في موقف إنساني متقدّم.

وفي فلسطين، وتحديدًا في أزمة غزة الجارية حاليًا، لم تتوانَ المملكة عن نصرة الشعب الفلسطيني ومساندته ميدانيًا وسياسيًا.
فقد وجّهت القيادة السعودية بإطلاق جسر جوي سعودي عاجل لنقل المساعدات الطبية والغذائية والإيوائية،
عبر مركز الملك سلمان للإغاثة، بالتعاون مع الجهات الدولية. كما أطلقت حملة شعبية عاجلة عبر منصة
“ساهم”،
شهدت تفاعلًا واسعًا
من أبناء الشعب السعودي خلال ساعاتها الأولى.
ويأتي هذا التحرك في ظل موقف سياسي ثابت
تؤكده المملكة مرارًا،
يدين العدوان، ويدعو لوقف إطلاق النار،
وحماية المدنيين، وضمان وصول المساعدات
دون عوائق.

على الصعيد السياسي،
لم تتردد المملكة في لعب دور الوسيط والمُصلِح بين الفرقاء، وكان من أبرز جهودها توقيع اتفاق المصالحة مع إيران عام 2023، بوساطة صينية،
مما أسهم في تخفيف التوتر في ملفات إقليمية معقدة.
كما احتضنت الرياض قممًا ولقاءات جمعت قوى كبرى، وسعت إلى تقريب وجهات النظر بشأن النزاعات الدولية، ومنها الأزمة الأوكرانية،
مما عزز صورتها كمنصة موثوقة للحوار العالمي.

إن ما يميّز الدور السعودي
أنه لا يقوم على العاطفة المجردة،
بل على رؤية عميقة ترى
في التضامن مسؤولية لا مزيّة، وفي التعاون واجبًا لا تفضّلاً. لقد اختارت المملكة
أن تكون صوتًا للعقل،
ويدًا للبذل،
وجسرًا يربط المتنافرين، ومدرسة في العمل الإنساني والسياسي الرصين.
وهكذا، تبرهن المملكة العربية السعودية،
اليوم كما الأمس،
أنها ليست فقط ركيزة
استقرار إقليمي،
بل سند أمة،
وحصنها الأخلاقي
حين تشتد المحن

أ. د. عائض محمد الزهراني

نائب الرئيس لإتحاد الأكاديميين والعلماء العرب

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. مقال وطني شامخ، خطّه قلم صادق ومُحب لوطنه.
    جسّدت فيه دور المملكة الريادي والإنساني، بل رسمت صورة ناصعة لوطنٍ اختار أن يكون سندًا للأمة وضميرها الحي
    مقال يبعث الفخر.. شكرًا د. عائض على هذا الوفاء للوطن. السعودية ستظل دومًا سندًا وعزًا للأمة شكرًا لهذا النبض النبيل، ودامت السعودية عزًّا وسندًا للعرب والمسلمين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى