«مجد الجنوب»
جازان تلك المدينة التي إذا نطقتَ باسمها تناثرت من شفتيك رائحة الفل وتهدّلت على أهداب الذاكرة قوافل من الكادي وعانق القلب هدير البحر وصدى الجبال ليست مجرد مدينة بل روح الجنوب ووشاح الوطن المعطر بالعزة والبهاء
هي مدينة الكادي والفل مدينة تفوح بعطر الأصالة وتنتشي على أنغام التراث وتزهو بوجه حضاري يشرق كالفجر في ملامح شبابها المتقد حيويةً وانتماءً إنها المدينة التي علّمت الوطن معنى الثبات في الجبل واللين في الوادي والعزم في السهل والانفتاح في المرفأ فأضحت السهل والجبل والوادي والبحر مجتمعين في قلب واحد
في جازان لا تغيب الثقافة عن مشهد الحياة فهنا يُروى الشعر بلون التربة وتُكتب الحكاية بصوت العاشق لأرضه من السامري الجازاني إلى الألوان الفلكلورية التي تروي سير الأجداد تنبض جازان بالحكمة الشعبية والفكر المتجدد لتبقى منجمًا للفن والإبداع ومرآة لعمق الإنسان السعودي
وهنا بزغت أقلام كأنها من لهب الجنوب جاء الأديب حجاب الحازمي ليحمل الفل في كلمته ويصوغ من تراب جازان أدبًا يتهادى بين الشعر والنثر رائدًا في المشهد الثقافي السعودي ورئيسًا لنادي جازان الأدبي سنوات مديدة فتح فيها أبواب الحرف وأطلق العنان لمواهب الجنوب كي تزهر وطنًا والأديب الشاعر محمد بن علي السنوسي من أبناء جازان الذين امتد أثرهم ليعانق أفق الوطن كله
وإن حدثت عن الفكر فإنها أرض شموس الأدب والعلم
والدعوة الهادئة خرج منها الدعاة والعلماء والكتّاب والمثقفون يحملون في وجدانهم قبس النور
وينسجون من لهجتها الحنونة خطابًا قلبيًّا يلامس الأرواح
قبل الآذان
ومن بين ما قيل في جازان شعرًا ما نظمه الشاعر حسن الأمير بقصيدة تنبع من عمق الشعور وتضوع بعطر المكان:
العطر فاح وجاء الفل نشوانُ
والموج أعلن أنّ الحُسن جازانُ
أرضٌ شواطئها غنّتْ لنازلها
والبحر نادمهم والسهل والبانُ
أمّا الجبال فحيث الغيم رفعتها
تختالُ ضاحكةً والجود عنوانُ
أنتم لها أملٌ أنعمْ بطلّتكمْ
كل القلوب شَدَتْ والكل إخوانُ.


