في وطنٍ عظيم كالمملكة العربية السعودية، تُبنى الأحلام على أساس متين من الأمن، والرخاء، والرؤية الطموحة التي جعلت الإنسان أولًا، والتعليم حجر الزاوية في النهضة. وقد أكّد سمو ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان – حفظه الله – في أكثر من مناسبة، أن التعليم والصحة ركيزتان يجب أن تكونا متاحتين بالمجان لكل مواطن، وفقًا لما نصت عليه أنظمة الدولة، وإيمانًا بدور العلم في صناعة مستقبل الوطن.
لكن الواقع الذي يعيشه كثير من الطلاب وأسرهم مؤخرًا يُحاكي وجهًا آخر، يزداد قسوة عامًا بعد عام: أزمة القبول في الجامعات والكليات.
ما أن تُعلن نتائج الثانوية العامة، حتى تبدأ رحلة القلق، لا الفرح. آلاف الطلاب المتفوقين، بأحلامهم وأوراقهم، يطرقون أبواب القبول الجامعي، فإذا بهم يُفاجأون بمقاعد محدودة، ونسب مرتفعة، وتخصصات لا تلبي رغباتهم، ناهيك عن شروط قبول لا تعكس واقع تنوع القدرات أو العدالة بين المناطق.
وحين تُغلق البوابة الرسمية، يجد الطالب نفسه في مواجهة خيار بديل: “البرامج التأهيلية” أو “الدبلومات المدفوعة”، وهي برامج تُسوَّق كفرصة ثانية، لكنها في حقيقتها “صفقة مكلفة”. رسوم مرتفعة تصل لعشرات الآلاف من الريالات، تختلف من جامعة لأخرى دون مرجعية واضحة، وتُلقي عبئًا ثقيلًا على كاهل الأسر، وخصوصًا من ذوي الدخل المحدود.
في كل بيت سعودي تقريبًا، قصة مؤلمة عن ابن لم يُقبل، وأب اضطُر للاقتراض، وأم باعت مجوهراتها لتمنح ابنها فرصةً تُشترى لا تُمنح. طلابٌ يشعرون أن مستقبلهم مرهون بما في الجيب لا بما في العقل، وأن العلم لم يعد حقًا مكتسبًا، بل امتيازًا لمن يستطيع الدفع.
هذه ليست مجرد أزمة تعليمية… بل أزمة مجتمعية تمسّ نسيج الوطن، وتُضعف الثقة بين المواطن والمؤسسات، وتُطفئ حماس جيل نشأ على وعود الرؤية والتحول.
من هنا، فإننا نرفع نداءً صادقًا إلى وزارة التعليم، ومجلس شؤون الجامعات، وكل صانع قرار معني بمستقبل الوطن:
نطالب بتوسيع الطاقة الاستيعابية للجامعات بما يتناسب مع أعداد الخريجين سنويًا.
ونطالب بإعادة النظر في رسوم البرامج التأهيلية، وتوحيدها، أو تقديمها مجانًا.
ونأمل بإيجاد حلول عادلة وشفافة تُراعي حاجة الطلاب لا مجرد أرقام القبول.
إن استثمار الدولة في تعليم أبنائها هو أعظم استثمار. فكل عقل يُفتح بالعلم، هو باب يُفتح للمستقبل.
ولا يليق بوطنٍ جعل الرؤية طريقه، أن يُترك فيه طالبٌ بلا مقعد، أو شابٌ بلا أمل


والله إن العين لتدمع .. وبشر الصابرين
أكثر من 9 سنوات احاول أكمل الجامعة لم استطيع
بسبب رسوم الدراسة المبالغ فيها