في عالمٍ يضجُّ بالأقنعة،
وتضيع فيه الحقيقة
بين زيف القول ورياء المظهر، يبقى الصدق هو النور
الذي لا يخبو،
واليقين الذي لا يتزحزح.
هو نَفَسُ الأرواح الطاهرة، وعلامة النفوس السليمة،
ورايةُ من أراد النجاة
في الدنيا والآخرة.
فالصدق ليس خَيارًا
بين خيارات، بل هو
طريقٌ واحد، من سلكه،
كُتب عند الله من الصدّيقين.
الصدق ليس مجرد
خُلقٍ يُدرّس، بل هو
حالة إيمانية
تنبع من صفاء القلب
واستقامة السريرة.
هو وعدٌ لا يُخلف،
وقولٌ لا يعرف الالتواء،
وعملٌ يُصدّق القول.
هو خلقُ الأنبياء
وزادُ الصالحين،
وبه تُقبل الأعمال،
وتُوزن الأقوال،
وتُمحص النوايا.
وإذا غاب الصدق من القلوب، ضعفت جسور الثقة
بين الناس، وتشوهت
صورة القيم،
وتاهت المجتمعات
في دروب الرياء والخداع.
قال الله تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ ٱلصَّٰدِقِينَ﴾
فالصدق مع الله
نورٌ يُضيء الطريق،
والصدق مع الناس
طمأنينةٌ تُورث المحبة
والثقة والاحترام.
إننا بحاجة إلى الصدق
لا كشعار، بل كمنهج حياة، نغرسه في الأبناء،
وننشره في المؤسسات، ونُكرّسه في الإعلام
والمناهج والقدوات.
فالمجتمع
الذي يُبنى على الصدق،
يرتفع بنيانه على أساسٍ
من الثقة، ويتماسك أفراده بعُرى من الأمانة والاحترام.
علِّموا أبناءكم الصدق
لا خوفًا من العقوبة،
بل حبًا في الحق، وحياءً من الكذب، وطمعًا في رضا الله.
فمن صدق مع الله،
رزقه الله طُمأنينةً لا تزل،
وثقةً لا تهتز،
وعزًّا لا يُنال بالكذب ولا بالتزلف.
كُن صادقًا، لا لأن العالم يستحق، بل لأنك تستحق
أن تعيش بقلبٍ نقيّ،
ووجهٍ لا يُخجل،
وضميرٍ لا يُؤرقه التلاعب.
يا من تبتغي الرقي في زمن الانحدار، تمسّك بالصدق،
فإنه يُعلي قدرك عند الله، ويطهّر سريرتك،
ويرفع مقامك في أعين الخلق.
اجعل الصدق لباسك
في الخفاء قبل العلن،
وزينتك في القول
كما في الفعل،
فإن سُئلت عن هويتك،
فليكن جوابك:
«أنا الصادق، وإن كثر الكاذبون».
اللهم اجعل الصدق دثارنا
في الحياة، ونورنا في الممات، ووسيلتنا إلى رضاك وجنانك
د عبدالرحيم بن محمد الزهراني






