منذ عام تقريبًا، وفي حوار مع أحد القادة الاستثنائيين أصحاب الرؤية Visionary، طُرِحت فكرة تطبيق برنامج الـ Hospitalist في مستشفيات المملكة، كخطوة استراتيجية لتحسين جودة رعاية المرضى المنومين وضمان المتابعة الطبية المستمرة على مدار الساعه وبالتواؤم مع مستهدفات رؤية المملكة 2030، لتجعل من هذا البرنامج أحد القرارات الصحية القادمة التي لا تحتمل التأجيل.
يقوم البرنامج على تخصيص أطباء متفرغين – ويفضل أن يكونوا من أطباء الباطنة – لإدارة رعاية المرضى طوال فترة التنويم، بحيث يكونون حلقة الوصل بين مختلف التخصصات، ومسؤولين عن اتخاذ القرارات الطبية الفورية ومتابعة تنفيذها بدقة حتى لحظة الخروج. هذا النموذج، الذي تبنته أنظمة صحية متقدمة، أثبت قدرته على رفع جودة الرعاية وكفاءة التشغيل في المستشفيات.
التجارب العالمية تعزز هذه القناعة. ففي جامعة كاليفورنيا (UCSF)، أدى تطبيق البرنامج إلى خفض مدة الإقامة بنسبة 15% مع تقليل التكاليف، ودون تأثير سلبي على معدلات السلامة أو رضا المرضى. كما أظهرت مراجعة شاملة لأكثر من خمسين دراسة دولية أن البرنامج يساهم في تقليل مدة الإقامة بمعدل 0.4 يوم لكل مريض، ويحسن مؤشرات الجودة وسلامة المرضى. وفي كوريا الجنوبية، أسهم البرنامج في خفض التحويلات غير الضرورية إلى العناية المركزة، ورفع معدلات رضا المرضى عن الرعاية المقدمة.
لكن الأهمية الحقيقية للبرنامج تتجاوز الأرقام السريرية، إذ يمثل استثمارًا اقتصاديًا ذكيًا في منظومتنا الصحية. كل يوم يقضيه المريض في المستشفى يستهلك موارد مالية وبشرية، وتقليل مدة الإقامة حتى بمعدل 0.4 يوم لكل مريض يترجم إلى آلاف الأيام من الإشغال الموفَّرة سنويًا، ما يعني ملايين الريالات التي يمكن إعادة توجيهها لخدمات أخرى. كذلك، فإن تسريع دوران الأسرّة يسمح باستقبال مزيد من المرضى بنفس البنية التحتية، دون الحاجة لتوسعات إنشائية مكلفة، بينما يساهم تقليل المضاعفات وإعادة الدخول في خفض التكاليف غير المباشرة للرعاية.
هذا المردود المزدوج – تحسين الجودة وخفض التكاليف – يجسد جوهر كفاءة الإنفاق التي تركز عليها رؤية المملكة 2030، ويتماشى مع توجهات الرعاية الصحية القائمة على القيمة (Value-Based Healthcare)، حيث يكون لكل ريال يُصرف أثر ملموس على صحة المريض وكفاءة النظام الصحي.
اليوم، ومع التحولات الجذرية التي يشهدها القطاع الصحي، يصبح تبني برنامج الـ Hospitalist قرارًا استراتيجيًا يتكامل مع أهداف التحول، ويعكس التزامنا بتقديم رعاية متكاملة تتمحور حول المريض، قائمة على الحضور الطبي المستمر، القرارات السريعة، والنتائج الملموسة.
والسؤال الذي ينبغي أن يُطرح الآن هو: إذا كان هذا النموذج قد أثبت نجاحه عالميًا، فما الذي يمنعنا من اعتماده وتكييفه وفق احتياجاتنا الوطنية؟ إن التأجيل في هذا القرار لا يعني إلا استمرار الفجوات، بينما تبقى الفرصة قائمة لتبني نموذج قادر على إحداث فرق ملموس في حياة المرضى وكفاءة منظومتنا الصحية.
• مستشارة في إدارة المشاريع والتخطيط والجودة والحوكمة







مقال ثري جدًا 👏🌟 أسلوبك واضح ومقنع وربطك بين التجارب العالمية ورؤية 2030 أعطى قوة للفكرة. بصراحة برنامج الـ Hospitalist فعلاً يستحق يكون من الأولويات لأنه يجمع بين جودة الرعاية وكفاءة الإنفاق. أحسنتِ الطرح 👌💡