لم يعد في اليمن متسع لمزيد من الألم، ولا مكان لزمرة الحوثي الخبيثة التي باعت أرضها وخانت عروبتها وارتمت في أحضان قوى إقليمية فارسية لا تمت إلى هوية اليمن بصلة. فقد عاش اليمن خلال العقد المنصرم حقبة مظلمة من الفوضى والخراب، بعدما تمكنت هذه الجماعة من السيطرة على مفاصل الدولة ومقدرات الشعب، فبدأت مسيرتها السوداء بتدمير ممنهج طال كل شيء: أكثر من 45٪ من البنية التحتية دُمّرت وفق تقارير أممية، وأكثر من 1200 مدرسة انهارت تحت قصفهم، و500 مستشفى ومرفق صحي أصابها الدمار، و60٪ من المنشآت الصناعية أُغلقت، و150 مسجدًا فُجّر، فيما تحولت المطارات والموانئ إلى ثكنات حربية، ونزح أكثر من أربعة ملايين يمني قسرًا، وزُرعت الأرض والبحر بمليوني لغم، لتصبح اليمن الدولة الأكثر تلوثًا بالألغام عالميًا.
لم تكتف هذه الجماعة الباغية بكل هذا الخراب، بل مارست أبشع وسائل القمع والاختطاف والإخفاء القسري، حيث اختفى أكثر من خمسة عشر ألف مواطن، وجُند ثلاثون ألف طفل في معارك عبثية لا علاقة لها إلا بأجندات دخيلة، فيما يعيش أكثر من عشرين مليون يمني على حافة الجوع بفعل سياسات التجويع المتعمدة، بحسب تقارير برنامج الغذاء العالمي.
وإلى جانب جرائم الداخل، لم تتوقف عدوانية الحوثيين على اليمنيين فحسب، بل تجاوزت لتستهدف الخارج عبر استهداف المقدسات الإسلامية وتهديد الأمن البحري والممرات الدولية بإطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيرة، محوّلين اليمن إلى بؤرة خطر على الأمن الإقليمي والعالمي، خدمةً لمشروع صفوي دخيل.
اليوم، وبعد مضي فترة من الزمن ومن العمليات العسكرية الدقيقة التي شنّتها قوات دولية متحالفة، استُهدفت الكهوف والمطارات والمخازن، وجاءت الضربة المفجعة حين شن الكيان الصهيونى قصفًا مركّزًا على مواقع الحوثيين، أسفر عن مقتل أغلب قيادات الصف الأول. وبذلك تهاوى بنيان الجماعة وتفككت أركانها، وصارت تلفظ أنفاسها الأخيرة وسط حالة من الارتباك والفوضى في صفوفها.
لقد حانت اللحظة التي انتظرها الشعب اليمني طويلًا، آن أوان انتفاضة يمنية شاملة، من الشمال إلى الجنوب، ومن السهل إلى الجبل، يجتث فيها اليمنيون هذه الجماعة الخبيثة من جذورها، ويلقون بها إلى مزبلة التاريخ. إنها انتفاضة الحرية ضد القيد، وانتفاضة النور ضد الظلام، انتفاضة وطن أراد له الخونة أن يسقط فأبى إلا أن ينتصر.
إن اليمن اليوم على موعد مع التحرر الكامل، مع استعادة السيادة، مع وحدة الصف وكتابة صفحة جديدة من العزة والكرامة في سجله العريق. لقد آن أوان الخلاص، وإن غدًا لناظره قريب



