في كل عام، ومع إشراقة ذكرى اليوم الوطني، تتجدد في النفوس مشاعر الفخر والاعتزاز. وتتوشح القلوب بألوان الولاء والانتماء.
إنه يومٌ ليس كبقية الأيام. إنه شاهدٌ على ولادة وطنٍ عظيم، وعلى مسيرة نهضةٍ صنعت من الصحراء واحات حضارة. نهضةٌ حوّلت الرؤى إلى أحلام تتحقق، والطموح إلى واقعٍ يتجلّى.
وإذا كانت المملكة قد ارتقت في العقود الأخيرة لتصبح ركيزةً أساسية في معادلات العالم، وصوتًا مسموعًا في المحافل الدولية، فإن شرفها الأعظم يظل في رعاية الحرمين الشريفين وخدمة ضيوف الرحمن.
فهي قبلة المسلمين ومهوى أفئدتهم. وهي البلد الذي شرّفه الله برسالة التوحيد. وحمل هذه الأمانة كان مصدر فخر وعز، ومسؤولية جسيمة سخّرت لها الدولة كل إمكاناتها. من تيسير مناسك الحج والعمرة، إلى تطوير المشاعر المقدسة، إلى استحداث منظومات رقمية وخدمات نوعية جعلت تجربة الحاج والمعتمر أنموذجًا عالميًا في التنظيم والرعاية.
ومن هذا العمق الديني الراسخ، امتدّ حضور المملكة النوعي ليشمل ميادين الريادة السياسية والاقتصادية والإنسانية. فمن قيادة الاقتصاد العالمي في مجموعة العشرين، إلى مبادرات المناخ والطاقة المتجددة، إلى جسور العمل الإنساني الممتدة في أصقاع الأرض.
وفي ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز – أيده الله – وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان – حفظه الله – انطلقت رؤية المملكة 2030.
رؤية لم تكتفِ بترميم الحاضر، بل صنعت مستقبلًا جديدًا يقوم على تنويع الاقتصاد، وتمكين الإنسان، وتوظيف التقنية والمعرفة في بناء وطنٍ منافس عالميًا. وغدت مدن المملكة وجهاتٍ للابتكار.
أما مشاريعها العملاقة مثل “نيوم” و”القدية” و”البحر الأحمر”، فهي شواهد على تحوّل يتجاوز حدود الجغرافيا إلى آفاق الإنسانية جمعاء. إن المنجزات النوعية التي تحققت في سنوات وجيزة لا تُختزل في أرقام النمو الاقتصادي أو مؤشرات التنافسية العالمية.
بل تُترجم في ثقة المواطن، واعتزاز الأجيال بانتمائها، وإيمان العالم بأن المملكة تسير بخطى واثقة نحو مكانة تليق بقدرتها وإرثها.
ولهذا يصبح اليوم الوطني مناسبةً ليست للاحتفال بالذكرى فقط، بل لاستحضار رسالة الوطن: أن السعودية، بعمقها التاريخي، وقيمها الدينية، ورؤيتها المستقبلية، ماضية في صناعة نهضةٍ لا تعرف حدودًا.
إن قيمة هذه المناسبة تكمن في ترسيخ معاني الانتماء والولاء. وفي استحضار مآثر الملوك والأجداد الذين شادوا هذا الكيان.
وفي استشعار نعمة الأمن والأمان والرخاء والاستقرار التي نحياها. كما أنها تذكيرٌ بعظم مسؤولية كل مواطن في تعزيز مكانة وطنه بالبذل والعطاء والتضحية، ليبقى هذا الوطن شامخًا قويًا.
ونسأل الله أن يديم على المملكة عزها وأمنها ورخاءها، وأن يجعلها دائمًا قبلةً للإسلام، وواحة استقرارٍ ونورٍ للأمة والإنسانية.
أستاذ القيادة التربوية
المدير العام للتعليم بمنطقة مكة المكرمة- سابقاً





