المقالات

كيان العدوان والفوضى

لم يظهر اليهود في مسار التاريخ كقوة بناء حضاري، بل كجماعة تجيد استثمار الانقسامات واستغلال لحظات الوهن داخل الدول. فمن ثوراتهم ضد روما، إلى تحالفاتهم في الأندلس، ثم نفوذهم المالي في أوروبا، وصولًا إلى إضعاف الدولة العثمانية، ظل حضورهم مرادفًا للتغلغل والضغط لا للإبداع والبناء. وقد أشار (غوستاف لوبون )
في كتابه اليهود في تاريخ الحضارات الأولى
إلى أن هذه الجماعة لم تُنشئ حضارة متكاملة، بل برعت في تحويل الصراعات إلى مكاسب.

ومع مطلع القرن العشرين، ساهم نفوذهم في إسقاط القيصرية الروسية عبر دعم الثورة البلشفية،
ثم انتقل ثقلهم إلى الولايات المتحدة الأمريكية. هناك، أحكموا قبضتهم على المال والإعلام، وأنشأوا منظمات
مثل (بناي بريث ) (واللجنة الأمريكية الصهيونية،)
ثم إيباك (AIPAC)،
التي تحولت إلى لوبي منظم يضغط على صانع القرار الأمريكي ويوجه سياساته الخارجية.
وهكذا يتضح أن من ثورات الأمس إلى عدوان اليوم…
إرث الهدم مستمر،
لا ينقطع وإن تغيّرت
الأزمنة والخرائط.

ويتجلى هذا الإرث
في الكيان الصهيوني
الذي وُلد بالتهجير والعدوان، وحوّل فلسطين إلى ساحة دائمة للصراع.
فمنذ قيامه، أشعل الحروب
مع دول عربية عدة،
وزرع بؤر الفوضى في المنطقة، فيما يواصل عدوانه على غزة، كاشفًا أن مشروعه لم يعرف سوى القتل والتدمير.
وبينما تتصاعد الجرائم،
يقف مطبلون في الساحة الدولية لتبريرها،
متجاهلين مأساة شعب غزة المحاصر.بالتدمير والتهجير
والجوع والوجع

إن دروس التاريخ واضحة: الدول تسقط حين يتآكل تماسكها الداخلي، لكن وجود جماعات منظمة كالكيان الصهيوني يسرّع النهاية باستغلال لحظة الانقسام.
ومن هنا، فإن استعادة التماسك الفلسطيني
تحت قيادة موحدة،
وتوحيد الصف العربي والإسلامي،
هما الجدار الحقيقي القادر على كسر مشروع العدوان وإعادة المنطقة إلى مسار الأمن والاستقرار.

لقد أثبتت التجارب
أن المشاريع القائمة
على العدوان لا تدوم،
وأن التاريخ لا يرحم الكيانات التي تعيش على الفوضى والهدم.
وما يجري اليوم ليس إلا امتدادًا لإرث قديم، لكنه أيضًا جرس إنذار بأن غياب الوحدة يفتح الباب لتكرار المأساة. والمطلوب اليوم مواجهة
هذا المشروع لا بالسلاح وحده، بل أيضًا بإعادة بناء الوعي، وترسيخ الهوية، وتحصين المجتمعات ضد الاختراق والتمزق.

أ. د. عائض محمد الزهراني

نائب الرئيس لإتحاد الأكاديميين والعلماء العرب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى