المقالات

يوم المعلم حين نحتفي به كصانع للوعي لا كرمز احتفالي

في كل عام يتسابق العالم عبر مُثقفيه للاحتفاء بيوم المعلم وتغرق المنصات بالعبارات المنمقة والورود المجازية لكن السؤال؟ الذي لا يُطرح غالباً هل هذا الاحتفاء يُنصف المعلم فعلاً؟ ام انه يُعيد إنتاج صورة نمطية تحصره في دور الملهم الصامت الذي يُشكر ولا يُستشار؟

المعلم ليس تمثالاً يصفق له !!

الاحتفاء الحقيقي بالمعلم لا يكون بالقصائد ولا بالهدايا الرمزية بل في إعادة تعريف دوره داخل المنظومة التعليمية، أن نمنحه حق التفكير وحرية المبادرة ومساحة التأثير، أن نعامله كصانع للوعي، لا كمنفذ للمنهج، أن نشركه في صياغة السياسات، لا أن نحصره في تنفيذها.

ونعني بالمعلم هنا كلا الجنسين من الرجال والنساء ممن يحملون رسالة التعليم ويؤدونها بإخلاص ويشكلون الركيزة الأساسية في بناء الأجيال.

ويوم المعلم ليس مناسبة لتكريم كل من يحمل لقب معلم فحسب بل هو احتفاء بمن يحمل هذه الرسالة بقيمها وأخلاقها وسلوكها فالمعلم وإن لم يكن بديلاً عن الأسرة في التربية، إلا أن دوره يتطلب أن يكون قدوة في تصرفاته ونزيهاً في سلوكه وشريفاً في رسالته فمكانة المعلم لا تُمنح بالكلام بل تُثبت بالسلوك والالتزام والسمعة الطيبة التي تليق بمن يُسهم في تشكيل وعي الأجيال

كيف نحتفي بيوم المعلم؟

بأن نخصص هذا اليوم لفتح حوار وطني حول مستقبل التعليم، ويكون المعلم هو المتحدث الأول فيه.
بأن نطلق منصات رقمية تتيح للمعلمين مشاركة أفكارهم، وتجاربهم، وتحولهم، إلى مرجعيات معرفية.
بأن نعيد النظر في بيئة العمل، ونخفف الأعباء الإدارية، ونعزز أدوات الإبداع داخل الفصل.
بأن نكرم المعلمين الذين ابتكروا لا فقط الذين التزموا.
بأن ننتج أفلاماً وثائقية تخلد قصصهم لا مجرد مقاطع احتفالية تنتهي بانتهاء اليوم.

المعلم في الإعلام من التمجيد إلى التمكين.

الإعلام لا ينبغي أن يكتفي بترديد عبارات الشكر بل عليه أن يسلط الضوء على التحديات التي يواجهها المعلم ويطالب بحلول عملية، أن يبرز قصصهم كما هي مليئة بالصبر، والاجتهاد والابتكار، أن يعاملهم كقادة رأي لا كأبطال مناسبات.

ختاما
يوم المعلم ليس مناسبة لتجميل الواقع بل فرصة لتغييره، هو يوم يجب أن يحتفى فيه بالمعلم كإنسان، كمفكر، كمصلح، لا كرمز احتفالي فالمعلم لا يحتاج إلى تصفيق بل إلى إصغاء، ولا يحتاج إلى وردة، بل إلى مساحة يزهر فيها فكره ويثبت فيها سلوكه أنه أهل للثقة والقدوة والمكانة التي يستحقها وأن نتذكر
مقولة الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود رحمه الله “لو لم أكن ملكاً؛ لوددت أن أكون معلماً” وهذه المقولة، تعكس مدى تقديره وتقدير حكومتنا الرشيدة لمهنة التعليم ودورها الحيوي في بناء الأجيال، هذه الكلمات ليست مجرد تعبير عن رغبة شخصية، بل هي رسالة عميقة تعكس أهمية المعلم والتعليم في تحقيق التنمية والتقدم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى