المقالات

المنصورة… مدينةٌ وُلِدت من نَصر وارتقت بحضارة

على ضفاف النيل، حيث يلتقي الخصب بالتاريخ، تنهض المنصورة كجوهرةٍ زاهية في تاج الوطن، مدينةٌ خُلقت من ضوء النصر وارتوت من نهر الحضارة. لم تُبنَ بالحجارة وحدها، بل بالحكمة والعزيمة والإيمان. أسّسها السلطان الكامل محمد الأيوبي عام 1219م لتكون معسكرًا على فرع دمياط، غير أنّ القدر اختارها لتصبح منصّة التاريخ ومسرح البطولة.

في عام 1250م، دوّى صهيل المجد في أرجائها حين اندفعت الحملة الصليبية السابعة بقيادة لويس التاسع نحو دلتا النيل. هناك، كتب أبناء مصر ملحمة معركة المنصورة التي انتهت بأسر الملك الفرنسي في دار ابن لقمان، البيت الذي ما زال قائمًا شاهدًا على مجدٍ لا يزول، وذاكرةٍ لا تشيخ. ومن تلك اللحظة، أُطلق على المدينة اسم «المنصورة»، أي المدينة التي نُصرت فيها الأمة، فغدت عنوانًا للنصر ومرآةً للكرامة الوطنية.

لم يكن النيل في المنصورة مجرّد نهر، بل شريانًا حضاريًا يجري فيه نبض التاريخ؛ على ضفافه تتفتح الورود في جزيرة الورد، وتنعكس مآذنها على صفحته كأنها أنامل من ضوءٍ تُصلّي في وجه الماء. وبين قصور الماضي، يتلألأ قصر شِنّاوي بطرازه الأوروبي الفريد، في تزاوجٍ بديع بين الأصالة والحداثة، كأن العمارة نفسها تُعلن أن المنصورة تعرف كيف تجمع المجد بالجمال.

وفي العصر الحديث، واصلت المدينة رسالتها بين العلم والبطولة. ففي عام 1972 تأسست جامعة المنصورة لتكون منارةً للفكر والبحث والعطاء، وامتدادًا طبيعيًا لروح النصر التي صاغت هوية المدينة. احتضنت الجامعة آلاف الطلاب من أنحاء مصر والعالم العربي، وأصبحت قبلةً للعلماء بفضل مراكزها البحثية المتقدمة، وعلى رأسها مركز جراحة الكلى والمسالك البولية الذي أسّسه الطبيب العالمي محمد غنيم، فارتفع اسم المنصورة في المحافل الدولية كما ارتفع رايتها يوم المعركة. هكذا تحوّل النصر من ميدان القتال إلى ميدان العلم، ومن سيفٍ يذود عن الوطن إلى فكرٍ يصونه وينهض به.

وفي حرب أكتوبر عام 1973، سجّلت المنصورة فخرًا جديدًا في معركتها الجوية، حين واجه طياروها العدو فوق سماء الدلتا فسقطت طائراته تباعًا، ليُخلّد الرابع عشر من أكتوبر عيدًا للقوات الجوية المصرية.

واليوم، تمتد روح المدينة إلى المنصورة الجديدة على ساحل المتوسط، لتكتب فصلًا آخر من قصةٍ بدأت بالنصر وما زالت تتجدّد بالنهضة.
فالمنصورة ليست مدينةً عادية، بل قصيدة وطنية منسوجة بخيوط التاريخ والمجد، شاهدةٌ على أن الحضارة لا تُصنع بالقوة وحدها، بل بالعزيمة التي تعرف طريق النور

على ضفاف النيل، حيث يلتقي الخصب بالتاريخ، تنهض المنصورة كجوهرةٍ زاهية في تاج الوطن، مدينةٌ خُلقت من ضوء النصر وارتوت من نهر الحضارة. لم تُبنَ بالحجارة وحدها، بل بالحكمة والعزيمة والإيمان. أسّسها السلطان الكامل محمد الأيوبي عام 1219م لتكون معسكرًا على فرع دمياط، غير أنّ القدر اختارها لتصبح منصّة التاريخ ومسرح البطولة.

في عام 1250م، دوّى صهيل المجد في أرجائها حين اندفعت الحملة الصليبية السابعة بقيادة لويس التاسع نحو دلتا النيل. هناك، كتب أبناء مصر ملحمة معركة المنصورة التي انتهت بأسر الملك الفرنسي في دار ابن لقمان، البيت الذي ما زال قائمًا شاهدًا على مجدٍ لا يزول، وذاكرةٍ لا تشيخ. ومن تلك اللحظة، أُطلق على المدينة اسم «المنصورة»، أي المدينة التي نُصرت فيها الأمة، فغدت عنوانًا للنصر ومرآةً للكرامة الوطنية.

لم يكن النيل في المنصورة مجرّد نهر، بل شريانًا حضاريًا يجري فيه نبض التاريخ؛ على ضفافه تتفتح الورود في جزيرة الورد، وتنعكس مآذنها على صفحته كأنها أنامل من ضوءٍ تُصلّي في وجه الماء. وبين قصور الماضي، يتلألأ قصر شِنّاوي بطرازه الأوروبي الفريد، في تزاوجٍ بديع بين الأصالة والحداثة، كأن العمارة نفسها تُعلن أن المنصورة تعرف كيف تجمع المجد بالجمال.

وفي العصر الحديث، واصلت المدينة رسالتها بين العلم والبطولة. ففي عام 1972 تأسست جامعة المنصورة لتكون منارةً للفكر والبحث والعطاء، وامتدادًا طبيعيًا لروح النصر التي صاغت هوية المدينة. احتضنت الجامعة آلاف الطلاب من أنحاء مصر والعالم العربي، وأصبحت قبلةً للعلماء بفضل مراكزها البحثية المتقدمة، وعلى رأسها مركز جراحة الكلى والمسالك البولية الذي أسّسه الطبيب العالمي محمد غنيم، فارتفع اسم المنصورة في المحافل الدولية كما ارتفع رايتها يوم المعركة. هكذا تحوّل النصر من ميدان القتال إلى ميدان العلم، ومن سيفٍ يذود عن الوطن إلى فكرٍ يصونه وينهض به.

وفي حرب أكتوبر عام 1973، سجّلت المنصورة فخرًا جديدًا في معركتها الجوية، حين واجه طياروها العدو فوق سماء الدلتا فسقطت طائراته تباعًا، ليُخلّد الرابع عشر من أكتوبر عيدًا للقوات الجوية المصرية.

واليوم، تمتد روح المدينة إلى المنصورة الجديدة على ساحل المتوسط، لتكتب فصلًا آخر من قصةٍ بدأت بالنصر وما زالت تتجدّد بالنهضة.
فالمنصورة ليست مدينةً عادية، بل قصيدة وطنية منسوجة بخيوط التاريخ والمجد، شاهدةٌ على أن الحضارة لا تُصنع بالقوة وحدها، بل بالعزيمة التي تعرف طريق النور

أ. د. عائض محمد الزهراني

نائب الرئيس لإتحاد الأكاديميين والعلماء العرب

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. بارك الله في سعادتكم العالم الكبير الاستاذ الدكتور عايض الزهراني ابن الطائف الحبيبة على قلبي ، كلماتك عن المتصورة أثلجت صدري لانها من شخصية راقية مثلكم ، دائما نسعد بمقالات سعادتكم كما سعدت من قبل بلقائكم مع معالي الوزير السابق جودة عبد الخالق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى