أصبح التأخر في الزواج وارتفاع معدل أعمار المتزوجين ظاهرة اجتماعية بارزة، ليس في المملكة العربية السعودية فحسب، بل في معظم البلاد العربية والإسلامية. وقد سبقتنا إلى هذه الظاهرة المجتمعات الغربية قبل أن يصل تأثيرها إلينا.
إن ارتفاع معدل الأعمار في الزواج ظاهرة معقّدة تتداخل فيها العوامل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتتطلب معالجة شاملة تراعي واقع الشباب وتحديات العصر؛ فالزواج ليس مجرد ارتباط بين شخصين، بل هو لبنة أساسية في بناء المجتمع واستقراره، وكل تأخير فيه ينعكس بصورة مباشرة على مستقبل الأمة وتوازنها الاجتماعي والاقتصادي.
ولعل من أهم أسباب انتشار هذه الظاهرة ارتفاع تكاليف الزواج والسكن وصعوبة الحصول على وظيفة مستقرة، مما يدفع الشباب إلى تأجيل الزواج حتى تتحسّن أوضاعهم المالية. كما أن ازدياد إقبال الشباب والفتيات – ولا سيما الفتيات – على التعليم العالي والوظائف جعل البعض ينظر إلى الزواج المبكر على أنه تقييد للحرية الشخصية أو عائق أمام الطموح المهني.
وللتأخر في الزواج آثار متعددة على الصعيدين الفردي والاجتماعي؛ فقد يعاني بعض الأفراد من الشعور بالوحدة أو القلق أو فقدان الإحساس بالاستقرار العاطفي، كما يؤدي ذلك إلى انخفاض معدلات الإنجاب وزيادة نسبة العزوبية، مما ينعكس على النمو السكاني والترابط الأسري. كذلك فإن تأخر تكوين الأسر يؤثر بشكل مباشر في دورة الاستهلاك والإنتاج داخل المجتمع.
إن تسهيل متطلبات الزواج من خلال خفض التكاليف، وتجنب المبالغة في المهور، ودعم الشباب ماديًا ومعنويًا عبر برامج الإسكان والمنح والقروض الميسّرة، ونشر الوعي الأسري والاجتماعي بأهمية الزواج المبكر في تحقيق الاستقرار النفسي والاجتماعي، وتشجيع المبادرات المجتمعية التي تدعم الزواج الجماعي وتخفّف الأعباء عن الشباب — كلها من أهم الأمور التي يجب مراعاتها وأخذها بعين الاعتبار للوصول إلى حلٍّ جذري لهذه الظاهرة التي بدأت تنتشر داخل المجتمع.
⸻
نبض شاعر
تزوّج إن أردت لذيذَ عيشٍ
فكلّ الخيرِ يكمنُ في الزواجِ
فما تجني العزوبةُ غيرَ بؤسٍ
وتعكيرٍ لصفوكَ والمزاجِ
فلا تسمعْ لمن يلهيكَ عنهُ
فلن تحظى بأفضلَ من زواجِ






