المقالات

الأدب الأندلسي العريق ..

«جواهريات»

جادك الغيْثُ إذا الغيث همى
يا زمان الوصل بالأندَلُسِ
البيت للشاعر لسان الدين ابن الخطيب له تلك القصيدة العريقة في زمن عريق، فهي وشمٌ على صفحات الأدب
مما يجعلني أقول :
أغدقَ المعنى على اللفظ ودقًا حينما يكون الحديث عن الأندلس، يا جليس الأنس وحبور النّفْس والنفَس .. ذلك الأدب ( الأدب الأندلسي ) فقد توشح العراقة من جالس شعر الأندلس ونثرها, ما أبهى الأندلس بتاريخها التليد! . من أطلال أرضها التي هيضت الحال ليوثق الحرف حبًا لأدب تلك الحقبة ويطنب وهو طروب، فنسائم الماضي تعهدت القلب والحرف بالمضي نحو تخليد أدبا يحكي حضارة أمة . الأدب الأندلسي شعرًا ونثرًا هو امتداد للأدب العربي في المشرق، وقد توسع الأندلسيون في بعض الموضوعات , حيث نجد وصف الطبيعة, والغزل , والحنين إلى الوطن , ورثاء المدن والممالك، وكانت مستظلة تحت دوحة الألفاظ السهلة الرقيقة ,والصياغة المحكمة البعيدة عن التعقيد، والميل إلى النظم على الأبحر الخفيفة، وتم في ذلك العصر استحداث فن الموشحات, التي تعتبر أندلسية النشأة والمنشأ ,أرق صنوف الشعر على اللسان والروح ، تنوعت في مواضيعها، وملأت سماء جُلاسها سحبًا بيضاء تارة, وغيمًا محتضن المطر تارة أخرى، حتى غدا القلب ريّانًا بفضيها, وأرضه قد أعشبت روابي خضرة نضرة.
ولشعراء الأندلس جليل الذكرى وجميل الذكر, فهذا ابن زيدون الذي يصف مدينة الزهراء الجميلة قائلا : إني ذكرتك بالزهراء مشتاقًا
والأفق طلق ومرأى الأرض قد راقا
ولابن خفاجة وصفٌ للطبيعة صورها شعره قائلًا:
يا أهل أندلسُ لله دركم
ماء وظل وأشجار وأنهار
وفي الغزل يصف ابن عبد ربه محبوبته بسلاسة قائلًا:
يا لؤلؤا يسبي العقول أنيقا
ورشا بتقطيع القلوب رفيقا
وللنثر التأليفي حضور في العقد الفريد لابن عبد ربه
كتاب يشمل على جملة من الأخبار والأمثال والحكم والمواعظ والأشعار وغيرها ، وطوق الحمامة في الألفة والألاّف وغيرها مما يسدل على العقل والقلب أدبًا وجمالًا.
وإليكم يا كرام هذا الإمضاء .. كل قارئ حتمًا سيطبع في ذاته شيئًا مما قرأ ، فأنت تأخذ مما جالستَ لا محالة, ولخيالك الآن اتساع المدى فليطلق عنانه ,ويرى عظيم ما يضيف له الأدب، لاسيما أن الحديث هنا عن الأدب الأندلسي فهو طبيعة خلابة في أرضه ,وجلال في حرفه, وتنوع زاخر في موضوعاته, وتجديد ساحر في كل نواحيه, ورقة وعذوبة وجزالة في كل نسج فيه ، وتنهيدة تملأ مدى التاريخ والأدب لأعرق أمة وأبقى حضارة ، فأنت أيها القارئ الكريم تُجالس تاريخ أمة وأدبها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى