المقالات

قراءة في مقال: «المنتخب السعودي… فشل ممتد وغياب للمساءلة»

لا يكتب د. هاجد الأحمري عن خسارة مباراة، ولا عن إخفاق بطولة، بل يضع يده مباشرة على الجرح الذي تحاشى كثيرون تسميته: الفشل حين يتحول إلى نمط، لا حادثة.

منذ السطر الأول، يخرج الكاتب من دائرة الانفعال الرياضي إلى مربع التفكير المؤسسي، حين يربط بين طول أمد الإخفاق (أكثر من عقدين) وبين مفارقة الدعم غير المسبوق الذي تعيشه الرياضة السعودية اليوم. هنا لا يتهم الحظ، ولا يستدعي شماعة الظروف، بل يفتح سؤالًا أكبر:
كيف تفشل النتائج حين تتوفر الإمكانات؟

المقال لا يبحث عن متهم بقدر ما يبحث عن مسؤولية.
ولهذا يتعمد الكاتب نزع السلاح العاطفي من النص، فيقول بوضوح: «لا يستهدف أفرادًا ولا يتهم نوايا». هذه الجملة ليست تبرئة، بل تأسيس لمنهج نقدي مختلف؛ نقد يقيس المؤسسات بالنتائج، لا بالشعارات.

أخطر ما في القراءة هنا، ليس وصف الإخفاق، بل توصيف آلية التعامل معه:
تغيير مدربين، ووعود إصلاح، ثم صمت.
وكأن الفشل حدث عابر، لا مسارًا متكررًا.
في هذه النقطة تحديدًا، يتحول المقال من نقد رياضي إلى خطاب مساءلة عامة، يذكّر بأن غياب التقييم لا يعني تجاوز الخطأ، بل ترسيخه.

ويتوقف الكاتب عند مفارقة أخرى لا تقل أهمية:
دوري محلي يتقدم استثماريًا، ومنتخب لا يستفيد فنيًا.
هنا لا يشتكي، بل يطرح قضية تنظيمية صريحة: اختلال العلاقة بين قوة المسابقة المحلية ومتطلبات المنافسة الدولية.
وهي ملاحظة تخرج من العاطفة الجماهيرية إلى عقل الإدارة.

اللافت أن المقال، رغم حدّة فكرته، لا يرفع سقف المطالب إلى حدّ المستحيل.
الجماهير – كما يراها الكاتب – لا تطلب بطولة فورية، بل تطلب ما هو أبسط وأعمق:
مشروع واضح، مسؤوليات معلنة، ومساءلة حقيقية عند الإخفاق.

في الخاتمة، لا يطلق الكاتب حكمًا قاسيًا، بل يقدّم خلاصة واعية:
الصمت لا يحمي المؤسسات… بل يطيل عمر الأزمات.

هذه ليست صرخة مشجع،
بل ورقة تقييم كتبها قلم يعرف أن النقد، حين يكون مسؤولًا، هو أول خطوات الإصلاح..

مكة تقرأ

نقرأ معًا من صحيفة مكة الإلكترونية نصوصًا ومقالاتٍ تحمل المعنى، وتفتح النوافذ نحو العقول والقلوب…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى