في تحول لافت يعكس نضوج المشهد الإعلامي السعودي، أعلنت شركة “ثُمانية” للإعلام الرقمي عن استحواذها على حقوق النقل الرقمي للدوري السعودي للمحترفين، لتبدأ بذلك مرحلة جديدة من العلاقة بين الرياضة والمحتوى، لا تكتفي بنقل المباريات، بل تذهب أعمق: نحو رواية القصة.
منصة “ثُمانية”، التي بدأت رحلتها في صناعة المحتوى من خلال البودكاست والحوارات الفكرية، تمضي اليوم في اتجاه استراتيجي يربط بين صناعة المعنى ومتعة المتابعة الرياضية. فالمباريات التي كانت تُعرض في إطار زمني محدود، ستُروى اليوم ضمن حكايات، وسياقات، وتحليلات، تمنح المشجع السعودي والعربي تجربة مشاهدة مختلفة.
التحول في اللغة.. من نقل الحدث إلى بناء الفكرة
ما يُميز هذا الاستحواذ، ليس فقط في كونه صفقة إعلامية بامتياز، بل لأنه يُكرّس تحولاً في المفهوم: من الاكتفاء بعرض المباراة، إلى السعي لفهم ما وراءها. ما الذي يفكر فيه اللاعب؟ ما قصة النادي؟ كيف تتحول الجماهير من متفرجين إلى جزء من الرواية؟
“ثُمانية” بطبيعتها التحريرية والبحثية، تملك الأدوات التي تُمكّنها من إعادة تشكيل المحتوى الرياضي، لتُقدّمه بلغة قريبة من الجيل الجديد: لغة بصرية، مختزلة، ذكية، دون أن تفقد عمقها.
رؤية تتناغم مع توجه الدولة
تأتي هذه الخطوة في سياق أوسع، تنسجم فيه المؤسسات الإعلامية الجديدة مع أهداف رؤية السعودية 2030، التي تسعى إلى تمكين الصناعات الثقافية والرياضية، وفتح المجال أمام القطاع الخاص للدخول في الشراكات الكبرى.
استحواذ “ثُمانية” على حقوق البث الرقمي يُعدّ مثالًا حيًّا على ذلك. فهو لا يخدم فقط توسع المنصة، بل يساهم في رفع جودة التغطية الرياضية، وتوسيع جمهور الدوري السعودي، وإبراز الصورة الحديثة للمملكة عبر الرياضة.
جمهور جديد.. ومنصة تفهمه
جيل اليوم لا يتابع فقط من أجل النتيجة، بل يبحث عن القصة، المشهد، اللقطة، والصوت المختلف. وهنا تبرز نقطة القوة لدى “ثُمانية”: فهم الجمهور. فالشركة لم تأتِ من خلفية تقليدية، بل نشأت من ثقافة المحتوى الرقمي، والإعلام الهادئ، واللغة الإنسانية، وهذا ما يجعلها مرشحة لتقديم تغطية مختلفة، بعيدة عن الصخب، أقرب إلى الوعي.
ما بعد الصفقة: التحدي الحقيقي
الاستحواذ هو بداية فقط. التحدي الحقيقي يكمن في إنتاج محتوى يوازي حجم التطلعات، ويواكب سرعة التغير في الذوق العام. الجمهور سيبحث عن تحليل هادف، سرد بصري متقن، وقصص تروي له ما لا تقوله النتائج.
وإذا ما نجحت “ثُمانية” في ذلك، فإنها لن تكون مجرد منصة ناقلة للدوري، بل شريكًا ثقافيًا في تشكيل ذائقة رياضية جديدة في السعودية والمنطقة






