المقالات

الطائف أولًا في الجمال وفي السلامة

الطائف ليست مجرد مدينة، بل ذاكرة وطن، وعطر التاريخ، وبهاء الجغرافيا.
على سفوح جبالها تتنفس الأرض بهدوء، وتفوح رائحة الورد، ويتعانق الماضي مع طموحات المستقبل.
هي مصيف المملكة الأول، ومهوى أفئدة السعوديين وزوّارها، بما تمتاز به من أجواء معتدلة، وطبيعة آسرة، وموقع استراتيجي يجعلها بوابة الحجاز ومتنفس الوطن.

ورغم الحادثة المؤلمة التي وقعت في أحد منتجعاتها، وأسفرت عن إصابات مؤثرة، فإن الطائف أثبتت أنها مدينة لا تتهاون في أمن من يقصدها.
فقد جاء التوجيه العاجل والحازم من صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نهار بن سعود بن عبدالعزيز، محافظ الطائف، بإغلاق المنتجع فورًا، وفتح تحقيق شامل لمحاسبة المقصرين، إلى جانب التوجيه بصيانة شاملة لجميع مرافق الترفيه والسياحة تحت إشراف الجهات المختصة.

لم يكن ذلك مجرد إجراء إداري، بل رسالة واضحة: أن سلامة الإنسان أولًا كما أن جمال المكان أولًا.
فالطائف، التي تحتضن الزوّار من كل مكان، لا تساوم في معايير الأمان، وتبادر بتصحيح أي خلل. وإن كانت الحوادث جزءًا من واقع المدن النابضة، فإن ما يميز الطائف هو يقظتها واستجابتها السريعة وحرصها على النهوض بلا تردد.

هي مدينة لا تنكسر، بل تعود أقوى بعد كل أزمة، وأبهى بعد كل كبوة.
ففي السنوات الأخيرة، شهدت الطائف نهضة تنموية وسياحية وثقافية، عززت مكانتها في طليعة المدن السعودية، من خلال مواسم الطائف، ومهرجانات الورد، والرمان، والعسل، والمشاريع الحديثة التي تنسجم مع رؤية المملكة الطموحة.

وستبقى الطائف في وجدان الوطن: مصيفه الأول، وعطره الفوّاح، وتاج جباله الشامخة.
هي مدينة لا تنحني أمام العثرات، بل تتقدّم بثقة نحو مستقبلٍ أجمل.
هي الغيث والضباب، شقيقة البرد، وعشيقة الورد، مدينة الذائقة والمقام، والنظام والجمال.

رغم وقع الحادثة، تبقى الطائف مدينة تحسن النهوض، وتحول المحن إلى محطات نضج، والعثرات إلى دوافع للنمو.
لقد تعلّمت كيف تحمي جمالها باليقظة، وتضمن سلامة زوّارها بالمسؤولية، وتواصل خطاها بثبات نحو أفق أكثر أمنًا وبهاءً.

فالطائف لا تُقاس بحادثٍ عابر، بل بتاريخها، وإنجازاتها، وصدق نوايا مسؤوليها، ووفاء أهلها.
وستظل، كما كانت دومًا، مصيف الوطن، وسيدة الجمال، وبوابة الغيم.

فالسلامة فيها مبدأ راسخ، والجمال فيها هوية متجذّرة.
وبكل يقين، نقول: الطائف أولًا… في الجمال، في السلامة، وفي قلوبنا جميعًا

أ. د. عائض محمد الزهراني

نائب الرئيس لإتحاد الأكاديميين والعلماء العرب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى