في زحام الحياة وتشتت الأفكار وتنازع الهموم، يحتاج الإنسان إلى محطة نقاء يعود فيها إلى ذاته، يطهر قلبه من الغشاوة، ويرتب فوضى داخله. ولعل أعظم دواءٍ لهذا الشتات هو الاستغفار.. الكلمة التي تفتح الأبواب المغلقة، وتعيد للروح صفاءها، وللقلب اتجاهه الصحيح.
دواء للشتات
الاستغفار ليس مجرد لفظٍ على اللسان، بل هو علاج عميق يعيد التوازن للروح المرهقة. فعندما يتكرر على الشفاه بصدق، تتلاشى الفوضى في الداخل، ويستعيد المرء هدوءه المفقود. إنه كاليد الحانية التي تربت على قلبٍ مضطرب لتقول له: إطمئن، الطريق ما زال مفتوحاً.
بوصلة للقلوب التائهة
حينما يضيع الهدف وتتشابك الدروب، يأتي الاستغفار كـ”بوصلة” تعيد التوجيه نحو النور. فهو يوضح المسار، ويذكر بأن الغاية أسمى من الركض خلف الدنيا، وأن الأماني لا تسمو إلا حين تكون مرتبطة برضا الله. إنه الخطوة الأولى في رحلة عودةٍ صادقة إلى الذات وإلى الخالق.
تحطيم القيود وارتقاء الهمم
الذنوب قيود خفية تثقل القلب وتحد من انطلاق الروح. ومع كل استغفار صادق، تكسر هذه القيود، فينطلق الإنسان خفيفاً نحو أفقٍ أوسع. الاستغفار يحرر من عقد الماضي، ويمنح طاقة متجددة تدفع الهمم للارتقاء فوق العقبات.
بيننا وبين الخير صفاء
الحياة مليئة بالخير، لكنه أحياناً يحجب عنا بغشاوة الذنوب. والاستغفار هو المفتاح الذي يزيل هذه الغشاوة، فيعيد صفاء العلاقة مع الله، ويقوي صلتنا بالخير في كل أشكاله: في النفس، في الناس، وفي الكون من حولنا.
ختاماً
الاستغفار ليس مجرد عادة يومية، بل هو فن للحياة، به تشرق الأرواح وتتجدد الطاقات وتضاء الدروب. وهو الوصل بين ضعف الإنسان وعظمة الله، بين عجزنا البشري ورحمته اللامحدودة. فكل “أستغفر الله وأتوب إليه” خطوة نحو الصفاء، ونحو حياة أعمق معنى وأغنى بالسكينة.
أجعل الاستغفار رفيقك، لتجد أن قلبك يشفى من الشتات، وأن روحك تستعيد اتجاهها نحو أسمى الغايات.
• عضو هيئة تدريس – جامعة المؤسس
0


