في رحلة الحياة، يقف الشباب والشابات عند مفترقات طرق متعددة، تتزاحم فيها الأولويات وتختلط فيها الأحلام بالواقع. غير أن سر النجاح والرضا لا يكمن في جمع كل الخيارات معاً، بل في ترتيبها وفق ما هو مهم وما هو أهم.
بين الزواج والدراسات العليا: معادلة صعبة
بالنسبة للشابات خصوصاً، يتصدر خيار الزواج أو متابعة الدراسات العليا ساحة القرارات الكبرى. في مرحلة ما قبل الزواج، تكون القرارات فردية بحتة، حيث تنعكس نتائجها إيجاباً أو سلباً على الشخص ذاته فقط. غير أن المعادلة تتغير بعد الزواج: إذ يتحول القرار الفردي إلى قرار مشترك، تتوزع تبعاته بين الزوجين، ثم يتسع الأثر لاحقاً ليشمل الأبناء والأسرة.
أثر ترتيب الأولويات على جودة الحياة
الخلط بين الأولويات قد يترك أثراً عميقاً على المستقبل. تقديم ما هو عاجل على ما هو أهم قد يمنح شعوراً مؤقتاً بالإنجاز، لكنه يسرق من الإنسان فرصاً إستراتيجية لا تعوض. الدراسات العليا مثلاً قد تبني مستقبلاً مهنياً طويل المدى، بينما الزواج قرار حياتي يبني أسرة ويصوغ حاضراً ومستقبلاً مختلفاً. كلاهما مهم، لكن التوقيت وحسن الترتيب هو ما يحفظ التوازن ويضمن الاستقرار.
القرارات قبل الزواج وبعده
• قبل الزواج: تكون القرارات إنعكاساً للرغبة الشخصية، تتخذ وفق الطموحات الفردية والمقدرات الذاتية.
• بعد الزواج: تتحول القرارات إلى مشروعات مشتركة، يتداخل فيها الطموح الفردي مع مصلحة الأسرة. فقرار متابعة الدراسات العليا مثلاً قد يتأثر بقدرة الزوج على الدعم، أو بإحتياجات الأبناء في المستقبل.
الحكمة في الموازنة
ليست القضية في المفاضلة بين الزواج والدراسة العليا بقدر ما هي في الحكمة بترتيب الأولويات. فمن الممكن أن تحقق الشابة التميز الأكاديمي وتبني أسرة متماسكة في الوقت ذاته، شرط أن تكون البوصلة واضحة، والقرارات متأنية، والوعي حاضراً عند كل خطوة.
الخلاصة
الأولويات ليست قائمة جامدة، بل هي بوصلة متحركة تتغير مع تغير المراحل والمسؤوليات. ولذا، فإن أعظم ما يمكن للشباب والشابات إمتلاكه ليس فقط الطموح أو الرغبة، بل فن التمييز بين المهم والأهم، لتبقى قراراتهم منسجمة مع قيمهم، متوازنة بين الحلم والواقع، ومحققة لسعادة الفرد والأسرة والمجتمع.



