المقالات

نهضة وطن وهوية تتجدد

يمثل اليوم الوطني السعودي مناسبةً وطنية راسخة، تُستحضر فيها معاني الانتماء والولاء، وتُستعاد من خلالها مسيرة وطنٍ تأسس على قيم ثابتة، ويمضي بثقة نحو مستقبل أكثر إشراقًا. ففي هذا اليوم، تتجلى صورة المملكة العربية السعودية كدولة جمعت بين الأصالة العريقة والنهضة الحديثة، وبين ثوابت الهوية الدينية والحضارية ومقتضيات التنمية الشاملة.

لقد أثبتت التجربة السعودية أن النهضة لا تتحقق إلا على أساس من القيم الراسخة. فالمملكة انطلقت من مرتكزات الشريعة الإسلامية والإرث التاريخي للمجتمع، لكنها في الوقت ذاته لم تنغلق عن العصر، بل تبنت برامج إصلاحية ورؤى استراتيجية، كان أبرزها رؤية المملكة 2030 التي وضعت أسسًا واضحة للتحول الاقتصادي والاجتماعي والثقافي. وهكذا تجلت معادلة فريدة: هوية متجذرة تقود إلى حداثة متوازنة.

المواطن هو المحور الأساس لهذه النهضة. فالمواطنة ليست مجرد انتماء رمزي، بل هي مسؤولية ومشاركة فاعلة في حماية مكتسبات الوطن وصون منجزاته. إن قوة الدولة تُقاس بوعي مواطنيها، والتزامهم بواجباتهم، وإسهامهم في البناء والتنمية. ومن هنا، يغدو التلاحم بين القيادة والشعب ركيزة رئيسية لضمان استقرار الوطن واستمرارية نهضته.

إن المملكة اليوم تبرز كمركز إقليمي وعالمي مؤثر، بما تمتلكه من مقومات اقتصادية وسياسية وثقافية. غير أن أعظم ما يميز هذه المكانة هو قدرتها على المواءمة بين الهوية الوطنية والتحديث الحضاري، بما يحفظ الخصوصية ويعزز التفاعل الإيجابي مع العالم.

ولذلك، فإن اليوم الوطني ليس مجرد ذكرى تأسيسية، بل هو إعلان متجدد بأن نهضة الوطن مرهونة بهوية تتجدد، وأن التلاحم بين القيادة والمجتمع هو الضمانة الكبرى لمواجهة التحديات وصناعة المستقبل. فهوية الوطن لا تُستعاد في الشعارات فقط، بل تُترجم في المشاريع التنموية، والوعي الجمعي، والإيمان المشترك بأن الغد يصنعه أبناء هذا الوطن بعزيمتهم وإصرارهم.

وبذلك، تظل المملكة العربية السعودية نموذجًا حضاريًا فريدًا، يجمع بين تاريخ عريق وإرادة متجددة، وبين هوية أصيلة ونهضة مستمرة، ليكتب صفحات متواصلة من العز والمجد على مرّ الأجيال.

أ. د. عائض محمد الزهراني

نائب الرئيس لإتحاد الأكاديميين والعلماء العرب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى