المقالات

أبناؤنا أمانة في أعناقنا

نائب مدير شرطة منطقة جازان سابقًا

أتطرق في هذه العجالة إلى مقطع شاهدته على وسائل التواصل، عندما سألت إحدى المراسلات طفلًا لا يتجاوز عمره عشر سنوات عن طموحه: بماذا يرغب أن يصبح عندما يكبر؟ فأجاب الطفل بأنه يريد أن يصبح (حراميًا)! في الحقيقة ذُهلت لهذا الرد العفوي الطفولي، وبدأت أفكر في السبب وراء هذا الجواب، إذ لا بد من مؤثر خارجي جعله يقول هذا الكلام. فهل هي الأسرة، أم المدرسة، أم وسائل التواصل التي أوصلت صورة لهذا الطفل جعلته يرى أن الحرامي مثلٌ أعلى يريد أن يصل إليه في المستقبل؟

الواقع أن هناك خللًا واضحًا من الأسرة والمدرسة معًا؛ فهل يُعقل أن الأبوين لم يغرسا في هذا الطفل قيمة اجتماعية تنبذ هذا السلوك؟ وهل البيئة التعليمية أيضًا لم تتطرق لهذه القيمة؟ أتصور أن ما بقي لدينا هو وسائل التواصل والألعاب الإلكترونية، والتي أجزم أنها السبب؛ إذ تُصوِّر بعض الألعاب والمقاطع هذه الفئة بالقوة وعدم القدرة على قهرها، وأنهم محاربون بارعون، مما شكّل لدى هذا الطفل وغيره هذه الرغبة.

وبالتالي يجب أن يكون هناك حراك كبير، سواء من وزارة التعليم، أو من مؤسسات المجتمع، أو وزارة الإعلام، وجميع مؤسسات الدولة، لتصحيح المفاهيم ومحاربة هذه المحتويات، وغرس القيم النبيلة لدى هؤلاء الأطفال الذين هم أمانة في أعناقنا، وألّا يمر هذا المقطع مرور الكرام، فهناك عشرات الألوف مثل هذا الطفل يحتاجون إلى من يغرس فيهم قيمنا الإسلامية والاجتماعية النبيلة: «وينشأ ناشئ الفتيان فينا على ما كان عوّده أبوه».

فيا أيها الآباء والأمهات، ويا وزارة التعليم، ويا وزارة الإعلام، تقع عليكم مسؤولية عظيمة في أن نعمل جميعًا على محاربة مثل هذه المؤثرات والأفكار والبرامج والألعاب، حيث نرى سلوكيات أصبحت مستمرة بين شبابنا وبناتنا لا تمت لقيمنا ومجتمعنا ولديننا قبل ذلك. كل ذلك بسبب ترك هذا النشء دون توجيه. فاغرسوا قيمنا الإسلامية والاجتماعية، وقيمة الانتماء للوطن، لتحصدوا ثمرة غرسكم، فهم عماد المستقبل.

وأسأل الله أن يحمي شبابنا وبناتنا، وأن يجعلهم لبنة صالحة لمجتمعهم ووطنهم

اللواء م. علي بن محمد الغيلاني

نائب مدير شرطة منطقة جازان سابقًا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى