المقالات

العين مرآة الروح .

«جواهريات»

يقول عمارة بن عقيل :
والعين تنطق والأفواه صامتة
حتى ترى من ضمير القلب تبيانا
وأقول أنا : العين تصدق وصدقها مكنون في حدقتها، ومن يرمق مقلة الذي أمامه بكِياسة وفطنة سيقرأ ما يُطمر ، فيرى العين قد أسفرت بما أضمرته الروح جليًا، تلك المرآة التي تُدعى المُقلة، في اتساعها دليل سعادة غامرة، وفي حدتها نذير غضب، وفي انطباق الجفن عليها تنهال التأويلات لتفسر مخبوئها، وفي انطلاق تأملها للمدى المترامي أمامها هو إسباغ الفضل على القلب برحابة التفكر والتدبر وارتشاف الجمال من أقصاه فيسكن الفؤاد من نافذة العين حتى تبتهج الروح وتغدو نضيرة .
والسؤال هنا .. ماذا تقول العين ؟ القول يا كرام ليس حكرًا على اللسان ، فالعيون اللواحظ يسيرٌ عليها ترجمان ما تقابل ، من علو النظرة إلى دنوها إلى لمعة العين وصولًا إلى إيماءة الرأس وكل ذلك وأكثر يحكي تأويلًا مخبأ بين أطراف الروح، فالجدير بالذكر هنا أننا نلحظ أن اللسان وإن صمت واعتلى مدى صمته حتمًا ستنطق العين وتتكفل بإيصال ما تريده النفس، وهذا كافٍ في بعض المواقف، وليس ذلك مدعاة للصمت مطلقًا، وإنما هو مطية اختارها صاحبها، ومن هنا نقول على المرء الحاذق في قراءة العين ألا يدخله الظن ،فيجب عليه التثبت وإلا كفّ نفسه عما يُدخلها في متاهات الريبة، والفطنة في معرفة ما تُخبئ المُقل تكون سليقة عاشت مع المرء وزاولها حتى نُعت بالمتفرس ، أو حِذْقٌ فطِنَ له الحاذق وعرف مفاتيحه من ارتفاع العين إلى أعلى، أو نزولها للأسفل، أو تحركها باتجاهات، أو ثباتها وسكونها، أو ربما نظرة شاردة أو غاضبة أو مندهشة وغير ذلك ممتد بامتداد المواقف، فهي كذلك العين إن أحبت ابتهجت، وإن اندهشت انفرجت، وإن سعِدت اتسعت، وما أجمل الحديث عن العين ! وما أصدق ما تُجليه! .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى