في بعض المؤسسات، لا تحتاج إلى جهاز إنذار لتعرف أن مساعد المدير العام أو نائبه قد وصل… يكفي أن تسمع الضجيج!
هذا النوع من المساعدين يثير الحيرة ويستفز المنطق؛ يجلس في الاجتماعات كقطعة ديكور، لا يتحرك إلا ليقول بجديّة مصطنعة: «أؤيد ما تفضل به المدير». وحين يتحدث، يتمنى الحاضرون لو أن الكهرباء انقطعت قبل أن يفتح فمه!
هو لا يعرف من الإدارة إلا فنّ «النهِيق العالي» و*«الشهيق الإداري العميق»*، وكأن القرارات تُصنع بالحناجر لا بالعقول. صوته سابق لتفكيره، وشعاره الثابت: «ارفع صوتك… تُصبح مهمًّا!».
يظن أن لبس المشلح صباحًا وخلعه مساءً إنجازٌ إداري، وأن الوقوف بجانب المدير في الصور الرسمية بطولة وطنية. أما الملفات والخطط والتقارير؟ فتفاصيل صغيرة لا تليق بعقله الكبير!
وإذا سألته عن إنجازاته، أجاب بفخر: «كنت في جولة ميدانية»، والحقيقة أن الجولة لم تتجاوز الكافيتيريا! هو لا يقرأ، لا يخطط، لا يتابع… لكنه محترف في فنّ «الترزّز» وقت اللقطة. يبتسم أمام الكاميرا، ويعبس أمام المهمة، ويصرخ حين يُسكت غيره. يشبه الطبلة الكبيرة: صوته عالٍ، لكن الداخل فارغ تمامًا.
الطامة الكبرى أن بعض المديرين يظنون أن هذا النموذج «رمز ولاء» و*«مثال عطاء»*، بينما هو في الحقيقة عبء يفرمل كل إنجاز. لا يساند المدير، بل يربكه. لا يخفف الحمل، بل يضاعفه. يعيش بمنطق: «أنا لا أعمل، لكني أُحدث ضجيجًا كي أبدو مشغولًا».
وهنا مكمن الخطر: فمثل هذا المساعد ليس مجرد عبء إداري، بل قنبلة صوتية موقوتة داخل المؤسسة. يستنزف الوقت، ويشوّش القرار، ويحوّل العمل إلى معركة بين الصوت والعقل. ومع مرور الوقت، يصبح وجوده تهديدًا صامتًا لأي خطة تطوير أو إصلاح.
وفي النهاية، قد يُعفى المدير من منصبه، وربما تُغلق المؤسسة، لكن مساعد المدير العام سيبقى صامدًا، لأن «النهِيق العالي» لا يُفصل… بل يُسمع أولًا!
ولذلك، حين تسمع ضجيجًا في الممر بلا إنجاز، فاعلم أن مساعد المدير العام قد مرّ من هنا مرتديًا مشلحه، حاملاً فراغه بكل أناقة.
خاتمة
الإدارة بالنهيق، وباختصار، هي كيف تصنع ضجيجًا دون إنجاز





