
(مكة) – حوار – عبدالرحمن عبدالقادر الأحمدي
تواصل صحيفة مكة الإلكترونية لقاءاتها الرمضانية ، والإلتقاء بعدد من الشخصيات المجتمعية الفاعلة لنستعيد معهم ذكريات الماضي وبداياتهم العملية في تلك الحقبة الزمنية الهامة .
ضيفنا اليوم المهندس جمال بن عبدالله الهندي، نتعرف معه على بعض الجوانب من حياته العملية.
– في البدء نتعرف على ابن مكة المكرمة.
الاسم : جمال بن عبدالله بن محمد علي الهندي..أحد أبناء مكة المكرمة متزوج وأكرمني ربي بولدين وبنتين وستة أحفاد بحمد الله . تقاعدت من عملي الوظيفي في 1438/7/1.
– في أي حارة كانت نشأتكم؟
ولدت ونشأت في حي المسفلة بمكة المكرمة المجاور لبيت الله الحرام.
– أين تلقيتم تعليمكم؟
تلقيت تعليمي الابتدائي بين المدرسة الناصرية ومدرسة حمزة بن عبدالمطلب بالمسفلة. أما المرحلة المتوسط فدرست في مدرسة بلال بن رباح بالمسفلة.. وأخيرًا المرحلة الثانوية درست وتخرجت من ثانوية الحسين بن على وكنت ضمن خريجي الدفعة الأولى من المدرسة . وكان مدير المدرسة في المرحلة الابتدائية الأستاذ احمد خياط وفي المرحلة المتوسطة والثانوية الأستاذ جميل عطار رحمه الله..وأتذكر من المعلمين الذين كان لهم تأثير في حياتي الأستاذ إبراهيم عبدالسلام منقل والأستاذ عبدالواحد خياط في المرحلة الابتدائية والأستاذ رحمة الله عناية الله في المرحلة المتوسطة والأستاذ معتوق خان في المرحلة الثانوية.. أما المرحلة الجامعية فقد التحقت بجامعة البترول والمعادن عام 1397 هـ وتخصصت في تخصص علوم وهندسة الحاسب الألي وكنت ضمن أول دفعة حاسب آلي تخرجت من جامعة سعودية عام 1402 هـ.
– ماذا بقي في الذاكرة من أحداث عشتم معها عراقة الحارة؟
في ذاكرتي الكثير من الأحداث الجميلة عشت معها عراقة الحارة منها عفوية الحياة الأسرية وطيبة الجيران وتوادهم وتراحمهم والاجتماع شبه اليومي في الحارة بين السكان وبالذات في شهر رمضان والأعياد وتفقدهم لأحوال بعضهم البعض وهذا ما افتقدناه كثيرا في هذه الأيام.. كذلك الألعاب التي كنا نمارسها مع أبناء الحارة مثل البرجون وكرة القدم والكرة الطائرة بالذات في رمضان.
– في مرحلة الطفولة العديد من التطلعات المستقبلية.. ماذا كنتم تأملون حينها؟
في طفولتي كانت لدي العديد من التطلعات حققت الكثير منها بحمد الله منها أن أحصل على أعلى الشهادات الممكنة وأن أصبح عضوا فاعلا في المجتمع وأن أخدم بلدي كما خدمه والدي من قبل وهذا من تعلمته منه رحمه الله.
– تربية الأبناء في السابق بنيت على قواعد صلبة..ماهي الأصول المتعارف عليها في ذلك الوقت؟
تربينا منذ طفولتنا على قواعد أساسية صلبة ومتينة أولها مخافة الله سبحانه وتعالى والمحافظة على الصلوات خاصة وأننا كنا جيران بيت الحرام وعلى حب الدراسة والعمل ومساعدة الاخرين والكسب الحلال..كذلك تربينا على محبة بعضنا البعض والابتعاد عن بعض السلوكيات الغير مرغوبة في ذلك الوقت مثل التدخين والسهر.. وبحمد الله تأثرت حياتي إيجابيا بفضل الله ثم بفضل الاعتماد على هذه القواعد.
– في تشكيل صفاتكم ساهمت الكثير من العادات والتقاليد في تكوينها ما أبرزها؟
بالتأكيد فإن العادات والتقاليد المكية ساهمت في تشكيل الكثير من صفاتي منها حب مساعدة الآخرين والتواصل مع الأهل والأصدقاء حيث أن علاقتي مع أصدقاء والدي (رحمه الله) وعلاقتي مع أصدقائي وزملاء الدراسة ما زالت مستمرة حتى الآن..كذلك المحافظة على المعايدات وزيارات الأهل والأصدقاء خلال شهر رمضان وخلال عيد الفطر المبارك.. وجميع هذه العادات ورثتها لأبنائي من بعدي.
– الأمثال الشعبية القديمة لها أثر بالغ في النفس.. ماهي الأمثال التي لا زالت باقية في الذهن؟ ولماذا؟
من الأمثال الشعبية القديمة التي لها أثر بالغ في حياتي : لسانك حصانك إن صنته صانك وإن هنته هانك ومنه تعلمت أني لا أتكلم إلا فيما هو مفيد والبعد عن الغيبة والنميمة..كذلك المثل القائل “على قد لحافك مد رجولك” ومنه تعلمت أن أعيش وفق إمكانياتي.
– الحياة الوظيفية..أين كان لشخصكم القدير أولى محطاتها وآخرها؟
بدأت حياتي الوظيفية بعد تخرجي من جامعة البترول والمعادن في تخصص الحاسب الآلي في مركز المعلومات الوطني بوزارة الداخلية عام 1402 هـ وعملت فيها حوالي عشرة سنوات وكنت ممن ساهم في تأسيس هذا المركز العملاق وتشرفت بعرض التطبيقات الالكترونية التي تم تطويرها من قبلنا على صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية (رحمه الله) وصحبه الكرام أثناء زيارته للمركز . ثم انتقلت للعمل في جامعة الملك عبدالعزيز عام 1412 هـ ثم استقر بي المقام أخيرًا في مكة المكرمة حيث نقلت خدماتي إلى أمانة العاصمة المقدسة في عام 1417 وتم تعييني كمدير عام لتقنية المعلومات وكنت ممن ساهم في تأسيس التقنية في الأمانة ثم تم تكليفي بالعمل مستشارا لتقنية المعلومات ثم مستشارا لمعالي الأمين لشؤون المجلس البلدي حتى تمت إحالتي للتقاعد في 1438/7/1 بعد مسيرة دامت حوالي 36 عاما.
– شهر رمضان وشهر الحج من المواسم الدينية والاجتماعية المميزة حدثنا عنها.
شهر رمضان له أثر كبير في حياتي بالذات الفترة التي عشتها في مكة المكرمة لأن شهر رمضان في مكة المكرمة لا يشابهها أي مكان آخر.. فمكة المكرمة هي المدينة الوحيدة في العالم التي لا تنام خلال موسم رمضان.. منها صلاة التراويح في المسجد الحرام وقراءة القرآن وحضور الاجتماعات الأسرية واجتماعات الجيران والأصدقاء..أما موسم الحج عشت جزء منها وأنا طالب وأتذكر كنا نحرص على العمل خلال الموسم في أي مجال.. ثم خلال عملي في الأمانة كنت من ضمن فريق الامانة العاملين في موسم الحج وبحمد الله كنت أعتبر العمل خلال موسم الحج متعة نحرص فيها على الجمع بين الأجر والأجرة.
– تغيرت أدوار عُمد الأحياء في الوقت الحاضر وأصبحت محددة..كيف كان سابقا دور العمدة في الحارة؟
العمد في السابق كان لهم دور مميز في الحارة فكان العمدة هو مرجعية الحارة في حالة وجود أي خلافات بين الجيران وكان يحرص على تتبع أحوال السكان ومعرفة المحتاج منهم ومساعدتهم.. وكان مركاز العمدة موقع التجمع خلال مواسم الأعياد ورمضان وغيرها.
– القامات الاجتماعية من تتذكرون منها والتي كان لهاالحضور الملفت في الحارة؟
– من القامات الاجتماعية التي أتذكرها وكان لها الحضور الملفت في الحارة معالي الدكتور محمد عبده يماني (رحمه الله) ،وبعض العمد الذين أتذكر منهم الشيخ حمزة غلام والشيخ عبدالرحمن الغامدي والشيخ عبدالرحمن المالكي . رحم الله من توفى منهم.
– هل تذكرون موقف شخصي حصل لكم ولن تنسوه؟
الموقف المؤثر الذي لا أنساه هو وفاة والدي رحمه الله الذي كنت أعتبره معلمي وقدوتي ثم وفاة ولدي (ريان) رحمه الله الذي توفى قبل عدة سنوات في حادث سيارة أثناء عودته من جامعة أم القرى حيث كان يدرس في السنة الأولى في كلية الحاسب الآلي وأخيرا وفاة والدتي رحمها الله العام الماضي.
– المدرسة والمعلم والطالب ثلاثي مرتبط بالعديد من المواقف المختلفة..هل تعرفونا على بعض منها؟
بالتأكيد فإن هذا الثلاثي (المدرسة والمعلم والطالب) مكمل لبعضهم البعض وربما أضيف لهم أيضا البيت.. فتكوين الطالب وتوجهه وسلوكياته المستقبلية يتحكم فيها هذا الثلاثي بالإضافة إلى البيت. أنا عن نفسي أعتبر أن المدرسة والمعلم كان لهها تأثير إيجابي جدا على ما وصلت إليه من شهادات ومناصب ومراتب.
– كثرت وسائل الإعلام في الوقت الحاضر وأصبحت مرافقة مع الناس في كل مكان..ماهي الوسائل المتوفرة لديكم في السابق؟وما أثرها على المجتمع آنذاك؟
في السابق لم يكن يتوفر لنا من وسائل الأعلام سوى التلفزيون السعودي والإذاعات والصحف الورقية..وأعتقد أن هذه الوسائل كان لها تأثيرا كبيرا على تكوين مجتمع محافظ حيث أن برامج التلفزيون كانت برامج هادفة جدا وتحافظ على قيمنا الاسلامية والاجتماعية بعكس وقتنا الحالي الذي تحول فيه العالم إلى قرية مفتوحة سواء عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي أو من خلال القنوات الفضائية التي تحمل الغث والسمين.
– تظل الأفراح محطات جميلة لاتنسى في الحي ماذا تتذكرون من تلك اللحظات السعيدة؟
– كانت مناسبات الأفراح في السابق في الحارة لها جمالها على الرغم من بساطتها فالمناسبات كانت تقام في وسط الحواري في الأحواش بالنسبة للرجال وفي أسطح المنازل للنساء وكان جميع أفراد الحارة يشاركون في التجهيز لهذه المناسبات والحضور والمشاركة بالألعاب الشعبية..كذلك يقوم أفرادالحارة بمساعدة صاحب الفرح بما يسمى “الرفد” إما نقدا أو بتجهيزات الأطعمة والمشروبات وغيرها.
– الأحزان في الحياة سنة ماضية..كيف كان لأهل الحي التخفيف من وقعها؟
وكما كانت مساهمات أهل الحي في مناسبات الأفراح كذلك كانت لهم مساهمات في الأحزان مثل وقوفهم مع أهل المتوفي ومشاركتهم أحزانهم وتكفلهم بجميع تجهيزات العزاء وتوفير الأطعمة لأهل المتوفي.
-الأحداث التأريخية في حياتكم والتي عايشتها..هل تتذكروها وما الأبرز من تفاصيلها؟
من الأحداث التاريخية التي أتذكرها هو سيل الأربعاء (الربوع) الذي حدث عام 1388 هـ وأتذكر منظر السيول وهي تجرف السيارات والأشجار ولحظة دخولها إلى المسجد الحرام.. أيضا من الأحداث التاريخية التي أتذكرها خلال فترة عملي في الرياض حادثة غزو الكويت وما صاحبتها من أحداث مختلفة.
– ماهي الألعاب الشعبية التي اشتهرت بها حارة المسفلة؟
من الألعاب الشعبية التي اشتهرت بها حارة المسفلة هي المزمار حيث أتذكر التجمعات الخاصة بالمزمار التي كانت تحصل في وسط الحي بإشراف ومتابعة ومشاركة عمدة الحي.
– لو كان الفقر رجلا لقتلته مقولة عظيمة لسيدنا علي رضي الله عنه..هل ترون بعضا من قصص الفقر المؤلمة؟
فعلا أتذكر مقولة سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه.. حينما أرى بعض قصص الفقر المؤلمة وبالذات في الأحياء القديمة وسكان البيوت الشعبية في المقابل فإن أهل الخير متواجدون بحمد الله حيث نرى الكثير من المساهمات لدعم الأسر الفقيرة.
– ماذا تودون قوله لسكان الحارة القديمة؟
ما أود قوله لسكان الحارة القديمة هو لقد افتقدناكم وافتقدنا جيرتكم وطيبتكم وحبكم لجيرانكم.
– رسالة لأهالي الأحياءالجديدة..وماذا يعجبكم الآن فيهم؟
رسالتي لأهالي الأحياء الجديدة : أعيدوا لنا جزءا من مما افتقدناه في الحارة القديمة..تفقدوا جيرانكم وأعيدوا النسيج الاجتماعي والتواصل الذي كان متبعا في السابق.
-كيف تقضون أوقات فراغكم في الوقت الحالي؟
حاليا أقضي وقت فراغي بالقراءة واستخدام الحاسب الآلي لأنه جزء من تخصصي..كذلك زيارة الأهل والأصدقاء والمشاركة في الأعمال التطوعية والمنتديات والملتقيات حيث أنني حاليا نائب رئيس مركز حي الملك فهد (الإسكان).
– لو عادت بكم الأيام ماذا تتمنون؟
لو عادت بي الأيام لتمنيت أن أعود إلى حياتي السابقة وأعيش في الحارة بوجود والدي ووالتي رحمه الله.
– صراحة..مالذي يبكيكم في الوقت الحاضر؟
ما يبكيني في الوقت الحاضر هو حال المسلمين في أنحاء العالم وما أراه من سقوط القتلى بدون أي ذنب اقترفوه!.
– ماذا تحملون من طرف جميلة في دواخلكم؟
من الطرف الجميلة التي أحملها في داخلي حادثة حصلت لي شخصيا قبل حوالي ثلاثين عاما ليلة زواج إحدى شقيقاتي حيث كنت أنقل شقيقتي إلى قاعة الزواج في وقت متأخر وحصل أن تعطلت سيارتي في منطقة مقطوعة ولم يكن يتوفر لدينا أي وسائل اتصال وصادفت مرور إحدى دوريات الأمن وعندما تم مشاهدتنا في هذا الوضع قاموا بحملنا داخل السيارة الأمنية وأوصلونا إلى موقع الزواج..وربما كانت أول حالة لعروس يتم إيصالها للقاعة بسيارة أمنية.
– لمن تقولون لن ننساكم؟
أقول لن أنساكم إلى والدي ووالدتي -رحمها الله-فهم كان لهم الفضل بعد الله إلى ما وصلت إليه..كذلك أقول لن أنساكم إلى جميع أساتذتي في المراحل التي درستها.
– لمن تقولون ما كان العشم منكم؟
أقول ما كان العشم منكم يا إدارة نادي الوحدة..ما كان العشم يا من وضعت فيهم جماهير الأحمر الثقة بأن يسقط نادي مكة الوحيد إلى الدرجة الأولى..!!
– التسامح والعفو من الصفات الإنسانية الراقية..تقولون لمن سامحونا..وتقولون لمن سامحناكم؟
أقول سامحوني لكل من أخطأت في حقه بقصد أو بغير قصد من أهلي وأقاربي وأصدقائي وزملائي في العمل.. وأقول سامحتكم لكل من أخطأ في حقي بقصد أو بدون قصد خاصة ونحن في شهر الخير والبركة.
– في ختام لقاء ابن مكة ماذا ترغبون الحديث عنه؟
في ختام هذا اللقاء أتقدم بالشكر الجزيل إلى صحيفة مكة الإلكترونية التي أثبتت ريادتها بين صفوف الصحف الالكترونية وإلى جميع العاملين فيها وأخص فيها أخي الأستاذ عبدالرحمن الأحمدي وتمنياتي لهم بدوام التوفيق والنجاح وكل عام ووطننا الحبيب وقيادتنا وشعبنا بخير.
المهندس جمال الهندي يشرح لسمو الأمير نايف – رحمه الله –
لقاءً جميلا وحياة رابحة ان شاء الله يا مهندسنا الحبيب جمال وشكرا لصحيفتنا الالكترونية الاولي(مكة) التي استضافت خبرات وقدوات للجيل الحالي والمستقبل ؛ رعي الله الجميع بفضله وتسلمون/المستشار د. محمداحمدالمنشي
.سجل حافل بالعطاء والتميز…
شكرا مهندس جمال وفيت وكفيت.
كل عام وانت بخير ابو خالد والله يمدك بالصحة والعافيه وجعلك دوم سالم وغانم والله يسعدك ويهنيك ومازلت في عطاء واستمرار في العطاء فمثلك يقتظى به ويتشرف في قربه والكل يشهد بحسن الخلق التي تتحلى به وبساتط النفس الله يحميك. وشكرا إسماعيل الملا