آراء متعددةأخبار العالم

“حرب بلا نار”.. من طهران إلى ترامب: صراع تصريحات أم واقع متغير؟

قراءة صحيفة “مكة”: التصعيد بين واشنطن وطهران تحوّل إلى استهلاك إعلامي في حربٍ كلامية بلا تأثير حقيقي

إعداد: صحيفة مكة

في أعقاب توقف الضربات العسكرية المباشرة بين إيران وإسرائيل، وعلى وقع تصاعد التوتر الإقليمي، دخل الصراع مرحلة جديدة لا تُقاس بعدد الطائرات أو دقة الصواريخ، بل بعدد الكلمات وحدّة الخطابات. هذا ما بدا جليًا من تبادل التصريحات بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، والمرشد الإيراني علي خامنئي، في واحدة من أكثر المواجهات الكلامية حدّة منذ نهاية الحرب الأخيرة.

ترامب: بلد محترق.. وموت في كل مكان

أبرز ما جاء في رد ترامب لم يكن فقط نفيه ادعاءات الانتصار الإيراني، بل استخدامه لوصف قاسٍ للوضع داخل إيران، إذ قال:

“هم دائمًا غاضبون، عدوانيون، وغير سعداء. وانظر ماذا جلب لهم ذلك – بلد محترق، مدمر، بلا مستقبل، جيش مدمر، اقتصاد منهار، وموت في كل مكان من حولهم.”

وأردف: “على إيران أن تعود إلى النظام العالمي، وإلا فإن الأمور ستزداد سوءًا بالنسبة لهم.”

ترامب كشف أيضًا عن تفاصيل أمنية وعسكرية لم تكن معروفة من قبل، منها تدخله لوقف ضربة جوية إسرائيلية ضخمة كانت تستهدف طهران مباشرة، قائلاً إنه “أنقذ خامنئي من موت بشع ومهين”، لكنه فوجئ ببيان “مليء بالغضب والكراهية”، ما دفعه – على حد وصفه – إلى وقف أي جهد لتخفيف العقوبات.

خامنئي: انتصرنا والنووي سليم

في المقابل، ظهر خامنئي لأول مرة بعد انتهاء المواجهة العسكرية مع إسرائيل، مؤكدًا أن “إيران انتصرت ودمرت قدرات إسرائيل”، وأن البرنامج النووي الإيراني “سليم” رغم تهديدات ترامب. وأضاف في لهجة تصعيدية: “أي عدوان مقبل سيكلفهم المزيد، ونحن لن نستسلم”.

لكن لغة خامنئي جاءت محمّلة بكثير من المبالغة في تقييم النتائج، في ظل غموض فعلي حول ما إذا كانت إيران قد خرجت منتصرة ميدانيًا، أو أنها فقط تحاول الحفاظ على صورة رمزية للردع.

قراءة “مكة”: التصعيد تحوّل إلى حرب كلامية بلا نتائج فعلية

في قراءة تحليلية لمجمل التصعيد، ترى صحيفة مكة الإلكترونية أن ما يحدث حاليًا يمثل تحولًا واضحًا من الحرب الميدانية إلى “حرب كلامية”، هدفها الأول الاستهلاك الإعلامي الداخلي لكل طرف.

فترامب يستغل المشهد لصالح حملته الانتخابية، عبر استعراض “حكمته” في تجنب الضربات الكبرى، بينما يعيد خامنئي استخدام لغة النصر والردع لطمأنة الداخل الإيراني المنهك، ومحاولة ترميم صورته بعد موجات انتقاد داخلية غير مسبوقة.

وترى الصحيفة أن الطرفين يعتمدان أسلوب “الشعار بدل القرار”، فبينما يتحدث ترامب عن إنقاذ خامنئي ومنعه من الموت، فإنه لا يزال خارج السلطة ولا يملك قرارًا فعليًا، وخامنئي من جهته يدّعي النصر في وقت يشهد فيه اقتصاد بلاده انهيارًا غير مسبوق، وتزايدًا في الضغوط الدولية.

هل انتهت الحرب فعلًا؟ أم بدأت بصيغة جديدة؟

يبقى السؤال المفتوح: هل ما يجري مجرد توقف مؤقت للحرب الميدانية، أم بداية لحرب من نوع جديد تُدار بالكلام والتصريحات؟

تُجمع قراءات متعددة على أن التحول إلى “اللغة” بدلاً من “السلاح” لا يعني أن التوتر قد انخفض، بل إنه أعاد تشكيل نفسه ضمن مساحة جديدة: مساحة الرموز والصور والشتائم المقنّعة بالخطابة.

في النهاية، ترى “مكة” أن التصعيد الحالي، في صورته الراهنة، لا يحمل مؤشرات على تغيير موازين القوة، بل يعكس حالة تخبط من طرفين يحاول كل منهما تلميع صورته أمام جمهور مُتعب.. وأكثر ما يخشاه الآن، ليس الصاروخ القادم، بل الحقيقة الصامتة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى