الثقافية

سميرة الزهراني حول جديدها (تراسلني فراشاتي) : القصة فلسفة وجود وواقع نجسده على الورق..لكنها تعاني من المتطفلين

كشفت الدكتورة سميرة بنت ضيف الله الزهراني، أن مجموعتها القصصية (تراسلني فراشاتي) ظلت فترة حبيسة المطابع التي توقفت عن العمل منذ بداية جائحة كورونا ولم يتيسر لها الخروج إلا مع شتاء هذا العام، مضيفة: “ولعل فراشاتي تنطلق إن شاء الله في الربيع المقبل لتكون في المكتبات وبين أيدي القراء الكرام”.

وحول معايير كتابة القصة قالت: “إن أي قصة سواء كانت قصيرة، أو قصيرة جدًّا، أو طالت لتصبح رواية، لا بد لها من معايير يلتزم بها القاص لتكون قصصه مقبولة”.

وقالت: إنه يمكن أن تتعانق الرواية مع السيرة الذاتية؛ لينتج عمل ذو جنس أدبي يختلف عن أنواع الروايات الأخرى.
وأضافت: القصة القصيرة جدًّا لا تحتمل أكثر من شخصية واحدة، بينما الرواية مجال متسع لعدد لا محدود من الشخصيات، وهذا يعرفه كل من يكتب السرد، ولا بد أن يُلتزم بزمكانيةٍ، ولغةٍ، وراوٍ أو ساردٍ، وحدثٍ، كما قال ذلك بروب في كتابه (الحكاية الخرافية).
مؤكدة على أن الكاتب الجيد يستطيع أن يختزل الحدث ويجعله في بضع كلمات وتكون قصة قصيرة جدًّا، يبدأها بحدث لشخصية، وينهيها بمفارقة يكسر فيها أفق التوقع والانتظار، الأفق الذي قد يتوقعه القارئ فيجد العكس، هنا قد تكون الدهشة ويكون الإبهار.

وقالت: كاتب القصة القصيرة، والقصة القصيرة جدًّا، والرواية، هو أيضًا قادر على كتابة الرواية السير ذاتية، وقادر على كتابة أي جنس أدبي بصفة عامة طالما أنه يمتلك موهبة تؤهله لذلك.
كما أشارت إلى أن من يستطيع كتابة القصة القصيرة على قصرها؛ يستطيع كتابة الرواية مهما امتدت. وأشارت إلى أن المبدع ما دام قادرًا على استحضار جماليات الوجود وقادرًا على الإتيان بلغة جيدة، وكان مخزونه من الألفاظ يعينه؛ فهو قادر على كتابة الرواية الطويلة بشخصياتها المتعددة وبأزمنتها وأمكنتها المتفاوتة والممتدة منذ القدم حتى المستقبل.

وأضافت الزهراني: إن القصة هي فلسفة وجود وواقع قد يمتزج بالخيال، نجسده على صفحات الورق، وبينهما قد تكون شعرة بسيطة يستطيع منها الكاتب أن يحلِّق بسامعه أو قارئه من الواقع الملموس المحسوس إلى عالم خيالي بعيد كل البعد عن هذا الواقع المعيش. وأن كاتب القصة القصيرة والقصة القصيرة جدًّا والرواية هو أيضًا قادر على كتابة الرواية السير ذاتية، وقادر على كتابة أي جنس أدبي ما دام يمتلك موهبة وذوقًا وتذوقًا، وقادرًا على تلمس الجماليات في الحياة ويتلمس أيضًا ليس فقط الجماليات، بل حتى معاناة البشر، يستطيع حصر هذه الأمور كلها في ذهنه ثم يستحضرها ويصوغها على ورقة.
وتقول: أرى عن نفسي وأتوقع، أن المبدعين كلهم يرون ما أراه، وهو أن الكاتب الذي يستطيع شيئًا، يستطيع كل شيء، فقط يحتاج إلى الموهبة من الله -عز وجل- ثم إلى كثير من التمرس والمران والقراءة الجيدة التي تزوده بالمخزون اللغوي الجيد.

 

مشيرة إلى أن القصة القصيرة، أو القصيرة جدًّا، تعاني ما تعانيه من المتطفلين كأي جنس أدبي له كُتَّابه الجيدون الممتعون، وهناك أيضًا المتطفلون عليها الذين يرون في القصة القصيرة جدًّا جنسًا أدبيًّا سهلًا يستطيع أي كائن من كان أن يتناوله بالكتابة، والحقيقة أنه كلما قصر النص وصغر حجمه وقلت عدد كلماته كلما كان أصعب وأقوى. ولا بد أن يكون المبدع نفسه ناقدًا لعمله؛ حيث ينقح نصه ويستثني الكثير من الألفاظ أو العبارات أو الوصف الذي قد لا يخدم القصة. وترى أن الزيادة في الوصف مكانها ليس في القصة القصيرة جدًّا، بينما تحتملها الرواية مثلًا، ولا بد حتى في الرواية من الموازنة بين الخبر والوصف حتى تكون الرواية جيدة، وحتى لا يطغى جانب على آخر.

كما أكدت على أن القصة القصيرة جدًّا وإن كانت عملًا صغيرًا، لكنها تحتاج إلى قوة كبيرة وتكمن فيما قد لا يستطيعه الكثيرون، ومن يحاول كتابتها عنوة وإخضاعها بقلمه قد يبوء بالفشل. وتقول: للأسف قرأت كثيرًا من القصص القصيرة جدًّا وهي لا تحمل معنى القصة القصيرة جدًّا، لا من قريب ولا من بعيد، ولا يمكن تسميتها سوى أنها خبر من الأخبار، أو جنس أدبي آخر لا يشبه القصة القصيرة جدًّا. وأشارت في نفس الوقت إلى أنها لا تحب أن يكون لهذه الجائحة شيء يخلدها في كتاباتها.

د. عبدالله الطيب

من ناحيته اعتبر الدكتور عبد الله الطيب أن عنوان العمل الأدبي الذي يتضمن اسم (تراسلني فراشاتي) هو بمثابة رمز جميل يتمثل في هذه الفراشات، الذي إن دل على شيء فهو يدل على ذوق وبُعد رمزية عند الدكتورة سميرة.

 

بعدهاأجابت الدكتورة سميرة على سؤال حول الفرق بين المبدع والناقد في شخصها، قالت: إنها حين تتصدى للنقد فهي تتناول أي نص، بما لديها من أدوات نقدية، وتحدد جنس هذا النص، وربما المدرسة التي ينتمي لها كاتبه، وما المنهج المتبع فيه، هل أجاد كاتبه في كذا؟ هل أتى بما يُفترض أن يأتي به؟ وتقوم على تفكيك النص وتشريحه وتعرضه على المناهج.
وأضافت: حين يعمل الناقد على النص فلا مجال للخيال، إنما يتلمس مواطن الجمال، أو ربما القبح الذي قد يقلل من جمال بعض النصوص.
أما المبدع الحقيقي فيختلف تمامًا، فهو لا ينظر للمدارس النقدية، ولا يريد أن يأتي مثلًا بلفظة معينة يقحمها في النص، هو فقط يشعر بالفكرة ويتماهى معها، فتظل هذه الفكرة باستمرار حبيسة ذهنه حتى يتخلص منها على ورقة ويكتبها كما يراها.. هذا هو المبدع، المبدع الذي يركز على النص لا على الناقد.
كما أشارت إلى أنه من المفترض أن المبدع وبعد أن ينتهي من الكتابة، لا بأس أن يعود ويقرأ ما كتب ويكون هو الناقد الأول لنصه، ثم يعرض هذه النصوص على نقاد آخرين ليبينوا مكامن الجمال أو حتى بعضه، طبعًا ليس هناك شيء كامل، فالكمال لله -عز وجل- وحده، لكن لا بأس من التعديل والإضافة والحذف قبل النشر على الجمهور.

الاستاذ محمد الشهراني

وكانت صحيفة “مكة” قد نظمت لقاءً أدبيًّا مع الدكتورة سميرة الزهراني حول إصدارها الأدبي الجديد (تراسلني فراشاتي)، أدار الأمسية أ. محمد الشهراني، وقام بقراءة المجموعة الدكتور عبد الله الطيب. وجاء ذلك في باكورة اللقاءات الأدبية عن بُعد التي نظمتها صحيفة “مكة” الإلكترونية عبر برنامج الزوم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى