المقالات

فهمتوها خطأ يامسؤولين ..!!

فالاستدامة في أوضح تعريف لها: هي سمةٌ عصرية لكل عمل أو خطة عمل تُلبي رغبات واحتياجات إنسان الحاضر؛ وتراعي -من الآن- حظوظ وفرص أجيال المستقبل وفق أسلوبين:
1- تعظيم الموارد المتاحة؛ باﻻستخدام العادل والتثمير الأمثل.
2- وضع سياسات وإجراءات عمل؛ قادرة على التكيف المستقبلي لتلبية رغبات واحتياجات الأجيال القادمة.
فيا مسؤولي الاتصال والتواصل.. معظم أجهزتكم في القطاعين العام والخاص.. فهمت الاستدامة فهمًا خاطئًا يؤكده واقع خطط أعمالكم الذي نعيشه؛ فما تمارسونه هو تفريغ للاستدامة من مفهومها العملي والعلمي بدرجة يصدق معها تسميتها بالاستدامة المتحيزة للمستقبل على حساب الحاضر المعاش.
فمعظم نُظم التواصل في الأجهزة الحكومية والأهلية ذات الاستدامة المتحيزة تجدها متميزة في التواصل عبر تطبيقاتها ومواقعها الشبكية بدرجة عالية نفخر بها، إلا أنه إذا تواصل معهم في نفس الوقت مواطنون أو مقيمون يستمتعون بحاضرهم، ويفضلون وسائل التواصل الأخرى كالهاتف والبريد الإلكتروني -لعجزٍ في نُظم تواصلكم المتقدمة- سيجدوا أنفسهم أمام ثلاثة أساليب لقلة الأدب وعدم احترام العميل المتصل أثناء تواصلهم بالوسائل التي يفضلونها؛ فأسلوب قلة الأدب الأول هو أسلوب الاستفزاز بوجود رقم صوري لا يتم الرد على اتصالاته إطلاقًا. (فهمتوها يا مسؤولين)؟!! وأسلوب قلة الأدب الثاني هو رحلة الانتظار الممل للمتصل؛ ثم يعقبه انقطاع مفاجئ بشع للاتصال!! علمًا بأن مكبر صوت جوال المتصل مفتوح وموضوع أمامه على الطاولة دون أن يمسه إنسٌ ولا جانّ (فهمتوها يا مسؤولين)؟!!
أما أسلوب قلة الأدب الثالث فهو بعد رحلة أخرى من اختيارات الضغط على أرقام الدخول من رقم إلى رقم ليتفاجأ المتصل برد آلي يقول له ما معناه (وبعدين معاك.. أنت ما تفهم!! بإمكانك زيارة موقعنا الرسمي أو استخدم تطبيقنا الخاص لتلقي خدمتك)!! وحينها أقصى ما يتمناه المتصل إضافة رد آلي يقول: (معك تقييم الخدمة.. فضلا قيّم وقاحتنا).
هذه الأساليب من التحيز المقيت ضد هذه الشريحة من عملائكم المتصلين هو تحيز مجافي لرؤية 2030 فيما يتعلق بمؤشر السعادة وببرنامج جودة الحياة!! خاصة وأن التخطيط المستدام في جوهره يراعي الحاضر والمستقبل، من خلال أداء وسائل الاتصال التقليدية بفاعلية عالية جنبًا إلى جنب وسائل التواصل التقنية. وأخيرًا بدا لي بغلبة من الظن أن خدمات التواصل لهذه الأجهزة ليست سوى عقدة التباهي بمؤشرات الأداء الصورية، تم التخطيط لها كإحصاء كمّي دون اهتمام بجوانبها النوعية، وهي في حقيقتها لا تعدو كونها مؤشرات لسوء الأداء وحسب.
ولمعرفة الجهة الوطنية المنظمة والمشرفة على هذه الممارسات؛ لم يكن أمامي إلا الاتصال بهيئة الاتصالات وتقنية المعلومات؛ كممثل لوزارة الاتصالات وتقنية المعلومات المسؤولة عن تنظيم الاتصالات في المملكة بصفة عامة، وكنت أرغب التأكد من معرفة الجهة المعنية بمراقبة هذا الجانب من التواصل الخاص بالأجهزة الحكومية والأهلية، فاتصلت على رقمهم الموحد 19966، وكانت المفاجأة رد آلي يوجهني للتواصل أثناء أوقات العمل الرسمي!! فلو كانت الهيئة جهة رقابية إشرافية لابد أن يكون خطها يعمل على مدار الساعة، أما إذا كانت جهة لسن الأنظمة وليست رقابية؛ عليها إعادة النظر في تكامل إجراءات تنفيذ أنظمتها بما يحفظ مقامها.
ومن باب الأمانة هناك أجهزة حكومية وأهلية نفخر بتبنيها الاستدامة الحقّة المنشودة، وتستحق أن نبادلها كل التقدير والاحترام الذي عاملتنا به كمستفيدين من خدماتها، وإن كانت هذه الأجهزة الرائعة أقل بكثير عددًا من تلك الأجهزة التي تتبنى -بسوء تخطيطها- الاستدامة المتحيزة للمستقبل، وسأذكر الأجهزة الرائعة -على سبيل المثال لا الحصر- في القطاع الحكومي: (وزارة العدل، وإدارات التعليم، والأمانات والبلديات) ومسوغ ذكرها هو كونها صاحبة السبق في اتجاه التطبيق الأمثل للاستدامة الحقّة في هذا الجانب تحديدًا، فعندما تتصل على أرقامهم لابد أن تتلقى الخدمة وتقييم الخدمة ومتابعة الملاحظات، رغم أن بعض هذه الأجهزة كوزارة العدل مثلا تمت حوسبة “أتمتة” خدماتها بنسبة 100% ومع ذلك ظلت تحافظ على احترام عملائها الذين يستمتعون بعيش الحاضر أسوة باحترامهم من سيعيش المستقبل من عملائهم المحتملين؛ وتذكرت حينها المثل الشهير الحاضر أبدى من الغائب.. (فهمتوها يامسؤولين)؟!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى