
أكدت دراسة حديثة عن مدى أهمية مدى استخدام العلاقات العامة بوزارة الثقافة للقوة الناعمة في تعزيز مكانة ونفوذ المملكة العربية السعودية في المجتمع الدولي، من حيث توظيف ذلك وجعلها عنصرًا جاذبًا وتحويل ذلك فعليًا إلى مسرح وميدان التطبيق، من خلال إحياء وإبراز التراث والآداب والثقافات والفنون والمعارف السعودية على أرض الواقع، وهو الأمر الذي جعل القائمين على الدراسة يمزجون متغيري العلاقات العامة والقوة الناعمة، وكيف ساعد ذلك في ترويج المنتجات الثقافية بمختلف البلدان الأخرى.
وأتت مشكلة الدراسة التي أعدها الباحثان مصلح بن فرحان وصالح بن عبدالحفيظ، بأن باتت قناعة الزجر والقوة الصلبة والقوة العسكرية من تلك الأمور المرهقة والمدمرة للدول ولم تعد من الطرق والحلول الناجعة ومن الرؤى الاستراتيجية للبلدان، وهو ما عجل باستحضار الأهمية البالغة للقوة الناعمة والتي تعد اليوم حسب الدراسة لغة العصر الحديث، لما لها من مقومات وزيادة في الفعالية من حيث الإغراء والجذب والإقناع دون اللجوء للغة العنف والقسر والإكراه والضغط؛ ولذلك انطلقت الدراسة باعتبار الثقافة السعودية وما تشتمل عليها من آداب وتراث وفنون، وكل ما ينتج عنها من ثقافة تجعلها قوة ناعمة لا يستهان بها؛ خاصة إذا تم استثمارها بطريقة الاحتواء وبلغة احترافية ومهنية؛ بحيث تكون متغلغلة ذات طابع مقنع، وهذا مما يعزز من مكانة المملكة وزيادة فعاليتها في التمكين الدولي.
وأوضحت نتائج الدراسة بأن تقدم السعودية بطلب استضافة معرض اكسبو 2030 تعزز من المكانة الثقافية للمملكة دوليًا جاءت موافق بشدة بنسبة 61.3% كما أن اختيار الدرعية عاصمة للثقافة العربية 2030 تعزز من مكانة المملكة دوليًا بموافق بشدة بنسبة 51.9 % كما أن المدينة الإعلامية الجديدة تعزز من مكانة المملكة دوليًا بموافق بشدة بنسبة 50.9، وأتت إبراز هيئة الأزياء والملبوسات التقليدية السعودية لمنتجاتها الثقافية بموافق بشدة بنسبة 43.4% كما جاءت إبراز هيئة التراث للسياحة والفنون الشعبية بموافق بشدة بنسبة 42.5 %، وتستخدم وزارة الثقافة القوة الناعمة في الحملات الإعلامية في وسائل التواصل الاجتماعي؛ حيث بلغت نسبة موافق بشدة ذلك 40.4% كما تستخدم الهيئات التابعة لوزارة الثقافة القوة الناعمة في الحملات الإعلامية في وسائل التواصل الاجتماعي بموافق بشدة بنسبة 38.5%.
وأشارت نتائج الدراسة بأن جذب كبريات الوكالات والشركات والمحطات الفضائية الإعلامية والإعلانية العالمية من وجهة نظر المبحوثين أتت بموافق بشدة بنسبة 50.9% كما أن وزارة الثقافة تعمل على تعزيز مكانة ونفوذ المملكة العربية السعودية في المجتمع الدولي من خلال إطلاق مشروع إعادة إحياء جدة التاريخية؛ حيث أتت من وجهة نظر المبحوثين بموافق بشدة بنسبة 39.6%
وأبانت نتائج الدراسة في الوقت نفسه بأن سباقات الخيل والإبل في المناسبات الرسمية للدولة تعزز من المكانة الثقافية للمملكة دوليًا، حيث جاءت من وجهة نظر المبحوثين موافق بشدة بنسبة 54.7% كما أن تحويل العلا إلى وجهة عالمية يعزز من المكانة الثقافية للمملكة دوليًا من وجهة نظر المبحوثين؛ حيث جاءت بموافق بشدة بنسبة 54.7%.
من جهته قال أستاذ الإعلام بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الدكتور عبدالله العساف، من الأهمية بمكان الالتفات إلى القوة الناعمة فهي إحدى القوى الوطنية التي يجب تفعيلها والاستفادة منها.
وأوضح العساف، السعودية دولة تمتلك في ترسانتها قوة ناعمة متعددة، فالثقافة السعودية متعددة، ويجب العمل على إبرازها. والدراسة التي بين أيدينا خرجت بمجموعة من التوصيات المهمة التي تعكس أهميتها والحاجة إليها، فالباحثان صرفا الكثير من الوقت والجهد، ووفرا على وزارة الثقافة الحاجة للجوء لشركات أجنبية استشارية كونهما من أبناء البلد ومعرفتهما متعمقة بثقافتها وتنوعها من الآثار إلى الملابس إلى المنحوتات إلى الفولكلور الوطني والرسم، وغيرها من الفنون التي يجهلها أبناء الوطن قبل غيرهم.
فتوظيف الإعلام والسينما والزيارات السياحية وغيرها سوف تغيّر الصورة النمطية التي رسمها الإعلام الغربي عن المملكة فالثقافة إحدى المشتركات الإنسانية.
من جانبه تحدث رئيس قسم الإعلام الرقمي بكلية الاتصال والإعلام بجامعة جدة بأن الكثير من دول العالم سعت خلال العقود الماضية – خاصة دول العالم الغربي على وجه الخصوص – في إيجاد بدائل غير مادية تمكنها من الحفاظ على مصالحها وتحقيق المزيد من المكاسب سواء على المستوى المحلي أو الدولي، وعلى كافة الأصعدة السياسية والثقافية والاقتصادية، ومن هنا تم تبني فكرة مفهوم “القوة الناعمة”، والتي تهدف في أساسها على التأثير على سلوك وتوجهات الآخرين، مضيفًا في الوقت نفسه لممارسة هذا المفهوم والاستفادة من أبعاده تلجأ الدول والجهات إلى استخدام العديد من الأنشطة والأدوات التي تساعدها في تحقيق ما تسعى له من مكتسبات.
وأبان بأن لكون العلاقات العامة أحد أهم الأنشطة والروافد التي اعتمد عليها المنظمات والدول في مخاطبة الرأي العام، فقد قامت بتوظيف “القوة الناعمة” كأداة لإدارة وتحسين الصورة الذهنية، وذلك باستخدام العديد من الأدوات والإستراتيجيات، والتي يأتي من أهم هذه الأدوات الإعلام، وذلك من خلال العمل على إطلاق الحملات الإعلامية الترويجية، وكذلك العمل على تعزيز وإبراز الجوانب الثقافية، وإظهار مواطن الجذب والتميز التي تتمتع بها الجهة أو الدولة.
ونوه بأن ما أثبتته الكثير من الدراسات السابقة التي تناولت دور العلاقات العامة كنشاط يمكن من خلاله ممارسة “قوة ناعمة” للتأثير على الرأي العام، وما توصلت له نتائج هذه الدراسة المعنونة “مدى استخدام العلاقات العامة بوزارة الثقافة للقوة الناعمة في تعزيز مكانة ونفوذ المملكة العربية السعودية في المجتمع الدولي” دلالة واضحة على مدى نجاح وزارة الثقافة والهيئات التابعة لها من تعزيز مكانة المملكة العربية السعودية دوليًا؛ وذلك من خلال ما قامت به الوزارة من نشاطات ومبادرات ساهمت بشكل قوي في إبراز مكانة المملكة العربية السعودية.






