المقالات

عجول الفساد!!

لدغة ودغدعة

اتسمت شخصية الرئيس المصري الراحل أنور السادات – رحمه الله – بالذكاء وسرعة البديهة مع تمتعه بروح الدعابة التي ظهرت في العديد من المواقف، ومن ذلك ما روي أن الرئيس السادات سأل سيد مرعي وزير الزراعة في حكومته في سبعينيات القرن الماضي قائلًا: ايه أخبار مزرعة تسمين العجول بالفيوم اللي وعدتني بيها يا سيد؟ فرد عليه سيد مرعي: جاهزة تمامًا للافتتاح يا سيادة الريس! رد الرئيس السادات: طيب بكره الساعة عشرة الصبح عاوز أزورها وأفتتحها!

طبعًا من الأساس لم تكن هناك أرضًا للمشروع وبطبيعة الحال لا توجد مزرعة، لكن الوزير ذهب إلى الفيوم وجهز المزرعة للافتتاح، ووصل السادات في موعده؛ فوجدها حاجة تفرح وتعج بمختلف أنواع العجول وانتهت الزيارة، غير أن السادات أخذ الوزير سيد مرعي على جنب وسأله: استأجرت الجاموسة بكم يا مرعي؟ فوجئ الوزير بالسؤال!! ورد مباشرة: استأجرت العجل بعشرة جنيه يا سيادة الريس! فرد عليه السادات: مش كتير (10) جنيه إيجار على (12) ساعة؟! تفاجأ واستغرب الوزير!! وسأل: مين يا سيادة الريس اللي بلغ حضرتك عن حكاية إيجار الجواميس؟ قال السادات بثقة الخبير: يا مرعي أنا ابن الريف، أنا لما دخلت على الجواميس في الزريبة لقيتها هايجه وتنطح في بعضيها وحالتها مش طبيعية؛ والحالة دي بتحصل لما الجاموس بيكون مش في زريبته!

مثل هذه القصة وغيرها من المشاريع الوهمية تحدث وتتكرر في كثير من دول العالم وإن كانت بنسب مختلفة، ولكن الحقيقة وبكل صدق وأمانة نحن في المملكة العربية السعودية، وبفضل من الله -عز وجل- ثم بتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله- وبجهود وحزم ومتابعة عراب الرؤية سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان -وفقه الله- نقرأ ونسمع وبصورة مستمرة تقارير هيئة الرقابة ومكافحة الفساد (نزاهة)، والتي تطيح فيها برؤوس الكثير من أصحاب المشاريع الوهمية وغسيل الأموال وغيرها من أصناف الفساد الإداري والمالي؛ وبالصورة التي تبعث على الاطمئنان لقلب كل مخلص ومحب لهذا البلد العظيم، وتبشر بأنه لن يبقى هناك فاسد مهما كانت مكانته الاجتماعية، وأيًا كان مركزه الوظيفي؛ إضافة إلى أن جرائم الفساد لا تسقط بالتقادم، كما أنه لم يعد هناك مجالًا لمشاريع العجول المستأجرة!!

لدغة:
عزيزي الموظف: كل ما نظرت إلى مسؤول في مؤسستك أو خارجها؛ ووجدته هايج وكل يوم (ينطح) قرار غريب أو مبادرة وهمية أو خطة عجيبة، كلما رأيت كثرة المشاركة في مؤتمرات ومسابقات ومنافسات خنفشارية؛ كلما سمعت جعجعة وضجيج ولم ترَ طحينًا ولا حتى طينًا؛ اعرف حينها أن خويك (المدير) ليس في زريبته ومكانه، وإنما هو يقضي المرحلة التي هو فيها وربما يستغل الموجود والمتاح أمامه من فرص الكسب غير المشروع قبل أن يرحل مع بقية العجول ممن هم معه وحوله إلى ساحة العدالة والإنصاف غير مأسوف عليهم.
——————————— —–
• عضو هيئة التدريب في معهد الإدارة العامة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى