(مكة) – حوار- عبدالرحمن الأحمدي
تواصل “مكة” الإلكترونية لقاءاتها مع أهل المجتمع ورجال الفكر والثقافة، حيث تلتقي الليلة مع الدكتور فيصل بن عبدالرحمن أسره الملحق الثقافي للسفارة السعودية في أنقرة، وأستاذ الهندسة البيئية المشارك بجامعة أم القرى، لينقل لنا تجربته ورؤيته بعد مسيرته الحافلة.
** لمن يسأل عنكم ضيفنا الكريم.. أين تتواجدون في رحاب هذه الدنيا؟ وكيف تقضون أوقاتكم؟
_أنا أحد أبناء السعودية العظمى ولدت ونشأت في أطهر البقاع مكة المكرمة، وأتشرف بالعيش والعمل بها في رحاب جامعة أم القرى، كأستاذ مشارك بكلية هندسة البيئة، والآن أعمل حالياً كملحق ثقافي في سفارة خادم الحرمين الشريفين في تركيا، وتشرف على عدداً من دول الإشراف وعددها ١٦ دولة.
** ما الذي يشغل اهتمامكم في هذا الوقت الحاضر؟
_العناية بأمور عائلتي ومتابعة ابني الغالي أمين في دراسته وتأسيسه دينياً وعلمياً وتربوياً وثقافياً والعناية والاهتمام وتقديم العون والمساندة والنصيحة والإرشاد والتوجيه، وحل أي مشكلة قد تصادف أبنائي الطلاب وبناتي الطالبات المبتعثين والمبتعثات في الجامعات التركية، وجامعات الدول التي تشرف عليها الملحقية الثقافية في تركيا وعددها (16) دولة.
** الحكمة خير من الله يؤتها من يشاء.. كيف تعرفون الحكمة من وجهة نظركم ؟
_يقول الله سبحانه وتعالى في محكم التنزيل (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا) (269، البقرة). الحكمة ضآلة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها، وللنجاح والتميز في أي عمل، وأي مهمة تسند لأي شخص لابد من الحكمة وهي معيار مهم لكل شخص ناجح ولديه الشغف في تحقيق المزيد من النجاحات والإنجازات.
** ما بين حكمة الشيوخ وهمة الشباب أيهما أقرب برأيكم.. ثمة اتفاق أو فجوة اختلاف؟
_حكمة الشيوخ ما أتت إلا بعد جهد وتعب وعطاء من تراكمات خبرة السنين والتجارب القيمة والاستفادة منها، وهي تتكامل مع همة الشباب المميز بعلمه، وأخلاقه، وتربيته، فهو عماد هذه الأمة، فكل شاب حصيف وفهيم وذكي يحاكي حكمة الشيوخ للوصول إلى القمة التي يراها سيدي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود حفظه الله ورعاه من خلال رؤية المملكة 2030.
** هل الإنسان في هذا العالم ضل طريق الحكمة؟ وهل بالجملة تنقصه الحكمة؟
_قال النَّووي: «الحِكْمَة، عبارة عن العلم المتَّصف بالأحكام، المشتمل على المعرفة بالله تبارك وتعالى، المصحوب بنفاذ البصيرة، وتهذيب النَّفس، وتحقيق الحقِّ، والعمل به، والصدِّ عن اتِّباع الهوى والباطل، والحَكِيم من له ذلك، الحكمة أساس النجاح والتميز في كل الأمور.
** في حياتنا مراحل إنسانية مختلفة.. من مرحلة الضعف إلى مرحلة القوة وهكذا.. ماذا تتذكرون من وقائع في ثنايا المراحل؟
_من خلال مسيرتي كان والدي الشيخ عبدالرحمن بن عبد الله أسره ووالدتي السيدة مريم بنت صالح عنقاوي -رحمهما الله- مصدر القوة في جميع مراحل حياتي منذ طفولتي ونشاتي إلى أن كبرت وتخرجت وابتعثت وأكملت مرحلتي الماجستير والدكتوراة والعمل كأستاذ جامعي بفضل الله، وبعد رحيلهما افتقدت مصادر هذه القوة وأصبحت قوياً بفضل دعائهما لي طوال حياتهما، كما أن هنالك دعم من زوجتي الغالية السيدة رباب بنت أمين جاد التي وقفت في كل مرحلة حرجة ومساندتها لي لتحويل مرحلة الضعف إلى فرص عظيمة للتحسين لنصل إلى مرحلة القوة.
** ما بين الربح والخسارة أو الخسارة والربح كيف تصفون أصعب المشاعر وأجملها؟
_ولله الحمد والمنه في حياتي كنت الرابح في جميع الأمور حتى وحين تعرضي لبعض الكبوات وهذا شيء طبيعي؛ لأننا بشر نصيب ونخطئ ولأني متوكل على الله سبحانه وتعالى في كل شيء، فأكرمني الله بفضله نجاحات كثيرة وكبيرة في حياتي.
** الحزن سمة إنسانية ثابتة هل احتجتم له يوما ما.. وما هي أقسى لحظات الحزن التي مرت بكم؟
_يأتي الحزن من فقد عزيز وغالي في حياة كل إنسان.. وما خسرته في حياتي هو فقدي لوالدي ووالدتي -رحمهما الله- وابنتي الغالية فاطمة فقد كانت أصعب ثلاث لحظات حزن وخسارة مررت بها ولا يمكن أتجاوزها إلا بدمعة حزينة، ولكن رحمة الله تأتي بالصبر والاحتساب في كل موقف حزن.
** التوفيق والسداد هبة من الله تعالى.. ما هي أكثر المواقف التي مرت بكم توفيقاً وسدادا؟
_بعد دعاء والدي لي -رحمهما الله- بأن أحصل على أعلى الدرجات وقد تحققت أمانيهما لوصولي إلى أعلى الدرجات، وأكبر موقف هو حصولي على درجة الدكتوراة من جامعة أسطنبول، وذلك بفضل دعاء والدتي رحمها الله ودعاء زوجتي الغالية وولدي الغالي أمين.
** بماذا نربط الحياة السعيدة من وجهة نظركم الشخصية؟
_الحياة السعيدة هي أن تحكم مخافة الله في كل أمورك، وألا تعتدي على المال العام الذي هو أمانة يجب مراعاتها، فقمة السعادة عندي أن أنام مرتاحاً ولا يوجد علي أي حقوق للآخرين.
**هل نستطيع أن نعتبر السعادة أسلوب حياة؟
_السعادة هي إرضاء الله سبحانه وتعالى في جميع الأعمال والعبادات وحسن التعامل مع الآخرين وعدم ظلمهم أو أخذ ما يستحقون، ووجدت في الاهتمام ورعاية الأيتام من خلال رئاستي للجنة البحوث والدراسات في الجمعية الخيرية لرعاية الأيتام فاقدي الوالدين قمة سعادتي، فأصبح لدي الشغف والاهتمام الكبيرين بقضايا الأيتام.
** متى يصل الإنسان إلى محطات النجاح؟
_إذا وضع الإنسان لنفسه مسار وطريق صحيح واستشار واستخار وتوكل على الله في كل صغيرة وكبيرة ولكل محطة مسارها المختلف.
** ومتى تتوقف تطلعاتنا في الحياة؟
_نتوقف فقط عندما تفضي أرواحنا إلى بارئها.
** في الأغلب ننصف الإنسان بعد رحيله من دنيانا.. متى ينصف هذا الإنسان قبل أن يرحل؟
_بالفعل هذا للأسف موجود ولكن الحكيم والمتزن والذي أوتي الحكمة والاتزان والحصافة في الأمور هو من ينصف كل إنسان قبل رحيله من دنيانا، ويتذكره بدعوة صالحة بعد الرحيل.
** في الاستشارة.. من يستشير ضيفنا الكريم في مواقفه الحياتية المختلفة؟ ولماذا؟ وماهي أهم استشارة مضت؟
_لكل موضوع في حياتي يكون له مستشاراً في ذلك الشأن.. كان والدي ووالدتي -رحمهما الله- في حياتهما المرجع الاستشاري في كل شيء.. وبعد رحيلهما أستشير زوجتي كثيراً؛ لقربها من نمطية تفكيري وعقلي وصدق نيتها.. كما أستشير من هو خبيراً في الموضوع الذي أريد أخذ الاستشارة، وأستخير الله أولاً وأخيراً والحمدالله.
** متى غض النظر ضيفنا في المواقف المصاحبة له؟ وهل تذكرون بعض هذه المواقف؟
_أغض النظر والطرف في كل موقف يصدر من أي شخص يكدر صفوي قريباً أو بعيداً، وفي جميع المواقف التي لا تستحق أن أعطيها اهتمامي وعنايتي.
** هل ندمتم على سكوتكم يوماً؟ ومتى ندمتم على بعض كلامكم؟
_دائماً أستحضر المثل الذي يقول: إن كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب.
** في وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة أحاديثنا تختلف عن واقعنا.. إلى أي مدى تدعم صحة هذه الجملة؟
_يجب أن نكون واعين لما نكتب على وسائل التواصل الاجتماعي ﴿مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾
** في حياتنا اليومية هل افتقدنا حقيقة إلى الإنسان القدوة؟
_لكل زمان قدوة مختلفة ولكن الأساس في القدوة هي ما استدتمد صاحبها أخلاقه من الدين الإسلامي الحنيف، ونحن كمسلمين قدوتنا جميعاً رسول هذه الأمة سيدنا محمد صل الله عليه وسلم.
** الأبناء في الوقت الحالي هل يحتاجون إلى الرأي والمشورة منا؟ وهل المسافات بعدت بيننا وبينهم؟
_بكل تأكيد فهم منفتحين على العالم ويحتاجون إلى المشورة بأسلوب يتماشى مع التسارع الكبير في مختلف التقنيات وأساليب وأنماط الحياة المختلفة.
** الدنيا طويت على غرور.. متى وجدتم هذه العبارة ماثلة أمامكم؟
_لكل إنسان أصابه الغرور والكبرياء ومارس أنواع الفساد والظلم والكيد، فسوف تطوى به الدنيا وهو خاسر لكل شيء.
** من أنبل الناس في رأيكم؟
_في وجهة نظري أنبل الناس من تسبق سمعتهم الطيبة قبل رؤيتهم.
** المحبطون هم أشد الناس تعاسة هل صادفتم هذه الفئة؟ وكيف تعاملتم معها؟
_لابد لكل إنسان أن يصادف المحبطون، ولكن كنت أتجنب المحبطين لأني كنت أتوكل على الله وأستخير.
** هل ندمتم يوماً في النقاش مع أصحاب الوعي والإدراك؟ وهل ندمتم في النقاش مع غيرهم؟ ولماذا؟
_النقاش مع أصحاب الوعي والإدراك مهمة لتنمية كثير من المهارات المفيدة، ولم أندم في النقاش مع غيرهم بل تعلمت من هذه النقاشات أن أفيد غيري بالنصح قدر الإمكان.
** ما بين الشباب وتحقيق الطموحات الكبيرة لرؤية 2030 ما هي التوقعات المأمولة للشباب في هذا الشأن؟
_ تهيمن فئة الشباب على المجتمع السعودي، حيث تبلغ نسبة السكان السعوديين للفئة العمرية من (0 – 34) سنة 57.38%، فيما تبلغ للفئة العمرية (15-34) سنة (32,8%) من إجمالي عدد السكان، ولذلك فالشباب السعودي هو عماد هذه الرؤية المباركة من حيث استيعاب أهداف الرؤية وبرامجها المختلفة أو من خلال التأهيل العلمي في مختلف التخصصات لمن ينهل في برامج الدراسات الجامعية في مختلف الجامعات السعودية المرموقة والمصنفة عالمياً، أو من خلال برامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي والتعلم في جامعات إقليمية وعالمية ليكونوا قد تعلموا في مدارس مختلفة تنعكس إيجاباً لتنفيذ هذه الرؤية العظيمة، بقيادة عرابها سيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، فالتوقعات ستكون عالية بهمة هذا الشباب الملهم، وسنرى بإذن الله تعالى وصولنا لقمة المجد في مختلف المجالات الحياتية.
_ كيف ترون مستقبل المشاريع التنموية في مكة المكرمة؟
سيكون المستقبل عظيماً في ظل وجود الهيئة الملكية لتطوير مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، وبوجود خطط متميزة؛ لتنفيذ مشاريع عملاقة تجعل من هذه المدينة المقدسة مثالاً يحتذى به للتخطيط والعمران، ومن أجل بناء الإنسان وتنمية المكان.
** هل من كلمة أخيرة لضيفنا الفاضل؟
_في الختام أسأل الله عزوجل أن يوفق حكومتنا الرشيدة بقيادة سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله، وسمو سيدي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله، ويجزيهما خير الجزاء على ما يقدمانه من مجهودات كبيرة وعظيمة وجبارة في جميع نواحي الحياة المختلفة والتطوير والنهضة العظيمة للسعودية العظمى، كما أدعو الله عز وجل أن يوفق أبنائي وبناتي الطلاب والطالبات وأن يقر أعينهم وأعين ذويهم بنجاحهم وتفوقهم.