عام

الملامح التاريخية لمدرسة المدينة (١-١٠)

اعتز واحتفى أهل المدينة بتاريخهم الماضي العريق، وأرادوا مضاهاة مؤرخي مصر والشام وتواريخهم؛ لأن المدارس التاريخية الأخرى في الشام، كانت أطول عمرًا نتيجة للثقل السياسي ومراكز الحضارة الإسلامية ومحاريب العلم والمعرفة؛ لأنها أصبحت عواصم إسلامية لعدة قرون أما المدرسة التاريخية المدينية فذابت بسرعة، وأصبحت معزولة سياسيًا نشطة دينيًا، ولكنها امتزجت بالالتصاق والاحتكاك بالمدارس الأخرى؛ خاصة مدرستي التاريخ المصرية والشامية والاطلاع على شتى المؤلفات التاريخية لأساطين المؤرخين زمنًا معينًا ثم ما لبثت بعد زمن معين أن انفصلت عنها ونمت واستقلت وبانت ملامحها ثم أصبحت بعد ذلك تسهم مع غيرها من المدارس في كتابة التاريخ الإسلامي عامة، وتاريخ الحجاز بدقة تبلغ حد الوصف خاصة.
وازدادت العناية بتاريخ المدينة المنورة لأهميتها ومكانتها في قلوب العالم الإسلامي خاصة من قبل الخلفاء والسلاطين عبر العصور المختلفة، كما اعتنى بها العلماء وتسابقوا لخدمتها والمقام فيها، وألفوا في فضائلها وحوادثها وبقاعها المؤلفات الجمة، ومن هذا المنطلق بدأ الاهتمام التاريخي بالمدينة، وقد تم ذلك برغبة صادقة نابعة من قلوب مؤمنة عامرة محبة لمدينة المصطفى -عليه السلام- وليس تنفيذًا لرغبة أو أوامر سلطانية أو سلطة عُليا.
لا نعرف بالتحديد عن بدايات التأليف في تاريخ المدينة المنورة؛ وخاصة المؤلفات التي أفادها المؤرخون المتأخرون، ولكن أقدم ما ذكرته المعاجم وأكدته المصادر في تاريخها أن أول من كتب السيرة النبوية الشريفة (عروة بن الزبير بن العوام المتوفي حوالي عام 93هـ)، و(أبان بن عثمان بن عفان المتوفي قرابة عام 105هـ)، و(وهب بن منبه المتوفي حوالي 110هـ)، ومن أشهر من كتب في علم السيرة والمغازي (محمد بن إسحاق المتوفي عام 152هـ)، والذي اختصر سيرته ابن هشام المتوفي عام 218هـ في سيرته المشهورة، والتي شرحت واختصرت أكثر من مرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com