الشعر ليس مجرد كلمات تُنسج لتُقرأ أو تُلقى، بل هو انعكاس صادق لما يعصف في أعماق النفس البشرية، وتجسيد حيّ لتجاربها وأحلامها وأوجاعها. إنه الفن الذي يتسامى فوق حدود اللغة، ليصبح لغة الروح التي لا تُفسَّر، وموسيقى القلب التي تُحسّ ولا تُقال.
لقد انقطعتُ عن كتابة الشعر في مرحلة مبكرة، حين أدركت أن ما كنت أنسجه من كلمات لا يليق بسمو الذائقة الشعرية التي أحلم بها، ولا يحمل من الجمال ما يستحق أن يُخلَّد في أسماع الناس أو يلامس أرواحهم. ومع ذلك، بقيت الروح وفيةً لهذا الفن الجليل، متذوقةً لسحره، متأملةً في عمقه، منتشيةً بذاك السمو الذي يعلو به الشعر الحقيقي فوق كل شيء.
الشعر تجربة متباينة بين الحس والعقل، بين ما يُلامس القلب ويُبكيه، وما يعبر مرور الكرام دون أن يترك أثرًا. بعضه يُنقش في الذاكرة كأغنية خالدة، وبعضه يتلاشى كنسيم عابر لا يُدركه الوعي. لكنني أومن أن الشعر، كالأمواج، تارةً يثور في عمقه، وتارةً يهدأ على شواطئه، متجدد دائمًا، لا يخبو بريقه مهما تراكم عليه الصمت.
الشعر مرآة النفس؛ قد يولد في لحظة فرح عابر، أو ينبثق من رحم وجعٍ لا يُطاق. إنه صمت بين السطور، يبوح بما لا يُقال، ينبض بما تعجز الكلمات عن احتوائه. هناك شعرٌ يسكن العيون، يقرأ في نظرةٍ صامتة، وهناك شعر يعبر كالريح، يحمل ذكرى عابرة دون أن يستقر.
الشعر الحقيقي يتلون بألوان الروح؛ قد يكون كالنجم في سموّه، أو كالسهم في جرحه، أو كالمطر حين يهطل على أرضٍ عطشى، فتُزهر من بعده أحلام لا تُحصى. هناك شعر تُحييه الموسيقى، وشعر يغني بلا لحن، وشعر يتألق في رقته كنسيم، وشعر يتجلى في حدته كالعاصفة.
لكن الشعر، وإن اختلفت أشكاله وتجلياته، يظل فنًا خالدًا يعكس عمق التجربة الإنسانية. إنه سفير البوح حين تعجز الشفاه عن الكلام، ومرآة الروح حين تنغمس في ذاتها.
قد نكتب الشعر لنتحرر، وقد نصمت عن كتابته لنحترم عظمته. لكن في الحالتين، يبقى الشعر سيد الكلمة، وسرّ الحنين، وملاذ القلوب التي تبحث عن جمالٍ لا ينتهي.
فاصلة،،،
شعر يكتب ويروى,, وشعر يسمع ولايوعى,,وشعر ينبذ ويرمى
وشاعر تطرب لتسمعه
وشاعر لاتستحي ان تصفعه
زادك الله من علمه ومتعك بالصحه والعافيه