الأستاذ الدكتور إبراهيم بن محمد أبوعباة رجل الشورى ومدير عام التوجيه والإرشاد بالحرس الوطني سابقاً، من الرجال الذين شرفت بمعرفتهم وصداقتهم إيبان تشرفي بإدارة جامعة أم القرى بمكة المكرمة، لطيف ومهذب، طيب المعشر، وعذب الحديث، لا تزال في ذاكرتي كلمات الثناء التي كان يكيلها لي وقت زيارته الرمضانية لجامعة أم القرى مع وفد كبير من علماء ومشايخ الدعوة في دول أفريقيا ودعمه وتشجيعه لحراك الجامعة.
دائم التواصل معي عن طريق الهاتف المحمول أو عبر تطبق الواتس برسائله الجميلة والمعبرة التي تصلني شبه يومي وما تحتويه من الأدب، والشعر، والعلم، والقصص المفيدة والمعبرة، لدرجة أني أصبحت أنتظر رسائله يومياً بكل شغف؛ أترككم مع واحدة من رسائله الجميلة والمعبرة وأترك لكم الحكم عليها:
بلغ البرامكة في الدولة العباسية غنى كثيرا، ومجدا كبيرا، حتى إن بعض أهل العراق إلى وقت قريب إذا رأوا غنى طارئا على رجل قالوا له : أرجوك “لا تبرمك علينا”!
وكان أكثرهم شأنا وذكرا الفضل وأخوه جعفر بن يحي بن خالد البرمكي المؤسس الأول لأسرة البرامكة، فأما جعفر بن يحي فلم يكن جوادا، ولا باذلا، وإنما كان يُبَخَّل، لكنه كان حلو اللسان، جميل الحديث، حسن الاستقبال، واسع الاطلاع، مؤنساً للمجلس، ولذا اتخذه الخليفة هارون الرشيد خليلا له.
وأما الفضل فقد كان كريما، جوادا، باذلا، لكنه كان ذا زعارة في خلقه، وفحش في لسانه، وضيق في صدره، فلم يكن جلساؤه يحتملون طبعه، ومع ذلك فقد جرت المدائح فيه دون غيره من البرامكة، فهو أكثر ممدوح فيهم.
لا أدر ذكّرني هذين الأخوين بما عليه الناس إلى يومنا هذا، فقد درج بعض الناس على الإعراض عن مجلس صاحب العلم والمفاكهة والأدب، ومجالسة صاحب المال من ذوي الإمارة والوجاهة، واحتمال طبعهم السيء، وكبرهم الممجوج، في سبيل لُعاعة من دنيا، ودراهم لا تُبذل إلا بكرامة وضعت عند عتبة مجلسه، بل فيهم من يمدحون بالأشعار، وتدوّن سيرهم في كتب الأخبار.
يقال: وقف شاعر مُعوج الفم أمام أحد الولاة ليمدحه، لكن الوالي لم يعطه شيئا وإنما سأله: ما بال فمك معوجاً؟ فرد الشاعر قائلاً: من كثر الثناء على الناس بالباطل!
وأسوأ المقامات عرض الحاجة على لئيم، فيرده.
قيل لأعرابية: ما الجرح الذي لا يندمل؟
قالت: حاجة الكريم إلى اللئيم ثم يرده.
قيل لها فما الذل؟ قالت: وقوف الشريف بباب الدنيء ثم لا يؤذن له!
يقول هادي بن نافع:
جيتك وأنا ضايق وناقصني فلوس…ورجعت نافصني فلوس وكرامة
-(عبد العزيز العويد)، انتهت الرسالة.

0