عام

اللاعب السعودي بين المكسب والخسارة

تشهد الكرة السعودية تحولًا كبيرًا في مشهدها الرياضي، حيث أصبح اللاعب المحلي أمام تحديات جديدة تتطلب منه تطوير مستواه البدني والفني لمواكبة التطورات السريعة في الدوري السعودي والمشروع الرياضي الطموح للمملكة. و في ظل هذه التغييرات، لم يعد هناك مكان للموهبة فقط بل أصبح الالتزام والاحترافية هما المعياران الأساسيان لضمان الاستمرار والتألق في المشروع الرياضي السعودي.

إنذار خطير من وزير الرياضة

في تصريح يعكس واقع اليم، أشار وزير الرياضة مؤخرًا إلى أن لاعبًا سعوديًا واحدًا فقط اجتاز اختبارات اللياقة البدنية، وهو مؤشر خطير على الوضع غير المثالي للاعب المحلي من حيث الجاهزية البدنية والاحترافية. في الماضي، كان اللاعب السعودي يحظى برواتب مرتفعة، وكان هناك مبالغة في تقييم قيمته السوقية، لكن اليوم تغيرت المعادلة تمامًا. لم يعد الاعتماد على اللاعب المحلي بنفس الطريقة السابقة، فالمنافسة أصبحت أكثر شراسة، ولا مكان إلا لمن يملك القدرة على الأداء الفني بمستوى عالٍ.

زمن الأجانب والعقلية الاحترافية

اليوم، يضم الدوري السعودي عشرة لاعبين أجانب لكل فريق، مع احتمالية أكبر لزيادة هذا العدد مستقبلًا بدلاً من تقليصه أو تثبيته. هذا التطور جعل المنافسة أصعب بكثير على اللاعب السعودي لحجز مكان أساسي في التشكيلة. لم يعد هناك مساحة واسعة للاعتماد على اللاعب المحلي، بل أصبح البقاء في التشكيلة الأساسية مرهونًا بجودة الأداء والمجهود المبذول داخل الملعب.

في ظل هذا المشروع الطموح، تعمل وزارة الرياضة بقيادة الامير الشاب الطموح على إعداد جيل جديد من اللاعبين الشباب في الفئات السنية، يتمتعون بعقلية مختلفة ونهج احترافي متطور. هذا الجيل الصاعد سيكون أكثر جاهزية للمنافسة، مما يجعل من الضروري على اللاعبين الحاليين العمل بجد للحفاظ على مكانتهم.

ضرورة التطوير البدني والفني

لا يملك اللاعب السعودي في الوقت الحالي أي ميزة تنافسية على اللاعبين الأجانب، فمعظمهم يفتقرون إلى البنية الجسمانية القوية والجاهزية البدنية العالية. ولذلك، يجب على اللاعب المحلي العمل بجد على تطوير نفسه، سواء من خلال:
• تحسين لياقته البدنية، ليكون أكثر قدرة على مجاراة نسق المباريات المرتفع.

• الالتزام بنمط حياة احترافي، يشمل التغذية السليمة، النوم الكافي، والاهتمام بالجانب البدني والنفسي.

الاحتراف اليوم لا يقتصر فقط على التدريب داخل الملعب، بل يمتد إلى أسلوب الحياة بالكامل. اللاعب الذي لا يدرك هذه الحقيقة لن يستطيع الصمود أمام التنافسية العالية التي يشهدها الدوري السعودي.

فرصة ذهبية للاعب المحلي

رغم المنافسة الشرسة، إلا أن المشروع الرياضي السعودي يمنح اللاعب المحلي فرصة ذهبية للاحتكاك بأفضل اللاعبين في العالم والتعلم منهم. اللعب بجانب نجوم عالميين يمثل تجربة فريدة يمكن أن تساهم في تطوير مستوى اللاعب المحلي بشكل كبير، شرط أن يكون لديه الاستعداد للاستفادة من هذه الفرصة.

إضافة إلى ذلك، هناك مشروع كبير للابتعاث الرياضي يتيح للاعبين المحليين فرصة اللعب خارجيًا والتطور في بيئات كروية أكثر احترافية. هذه فرصة ثانية يمكن للاعب السعودي الاستفادة منها في حال لم يحصل على فرصة كافية في الأندية المحلية.

المستقبل بيد اللاعبين الشباب 

إذا لم يسارع اللاعبون الحاليون لمواكبة هذه التغيرات، فإن الفرصة ستكون مفتوحة لجيل جديد من اللاعبين الشباب، الذين يتم تأهيلهم حاليًا ليكونوا نجوم المستقبل. هؤلاء اللاعبون الناشئون سيتم العمل عليهم بتدريبهم بطرق عالية المستوى وبرامج تأهيل احترافية منذ سن مبكرة، مما يجعلهم أكثر استعدادًا للتكيف مع متطلبات كرة القدم الحديثة. خلال سنوات قليلة، سنشهد بروز جيل جديد بعقلية احترافية مختلفة تمامًا، وسيكون هو العمود الفقري للكرة السعودية في المستقبل و سيتم تجيهزهم لكاس العالم 2034.

اللاعب السعودي اليوم أمام مفترق طرق: إما أن يطور نفسه ليصبح محترفًا حقيقيًا، أو سيجد نفسه خارج المنافسة في ظل تسارع وتيرة التطور في الدوري السعودي. الزمن الذي كان يعتمد فيه اللاعب المحلي على قيمته السوقية المرتفعة دون تقديم مستوى فني عالٍ قد انتهى. اليوم، لا مكان إلا لمن يثبت جدارته داخل الملعب.

على اللاعبين المحليين إدراك هذه الحقيقة والعمل بجد للحفاظ على مكانتهم في كرة القدم السعودية، وإلا فإن الجيل الجديد سيأخذ زمام الأمور سريعًا، ليكتب فصلًا جديدًا في تاريخ الكرة السعودية.

فارس أحمد

مهندس هيدرلوجي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى