ظلت القضية الفلسطينية من الثوابت الرئيسية في سياسة المملكة العربية السعودية، وأبرز تلك المواقف هو الموقف الحازم للملك عبدالعزيز – رحمه الله – من وعد بلفور المشؤوم عام 1917م، حيث استنكر ورفض جميع ادعاءات اليهود بشأن حقهم في فلسطين. وقد وثّق ذلك في مراسلاته ولقاءاته مع كبار الساسة الأمريكيين والإنجليز.
ما هو وعد بلفور؟
في تقرير نشره موقع BBC الإخباري البريطاني بتاريخ 2 نوفمبر 2024م، بعنوان “ما هو وعد بلفور؟”، جاء فيه أنَّه قبل نهاية الحرب العالمية الأولى، وبعد تقاسم المنتصرين تركة الإمبراطورية العثمانية، كتب وزير الخارجية البريطاني آنذاك، آرثر بلفور، في نوفمبر عام 1917م، رسالة إلى المصرفي البريطاني وأحد زعماء الجالية اليهودية في بريطانيا، اللورد البارون روتشيلد.
أدت هذه الرسالة إلى قيام دولة الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين، وما تبع ذلك من حروب وأزمات مستمرة حتى وقتنا الحاضر في منطقة الشرق الأوسط.
كانت الرسالة، التي عُرفت باسم “وعد بلفور”، أوضح تعبير عن تعاطف بريطانيا مع مساعي الحركة الصهيونية لإقامة وطن لليهود في فلسطين. وعلى الرغم من أن الرسالة لا تتحدث صراحة عن تأييد بريطانيا لإقامة “دولة يهودية” في فلسطين، إلا أنها لعبت دورًا أساسيًا في قيام إسرائيل عام 1948م، وساهمت في تشجيع يهود القارة الأوروبية على الهجرة إلى فلسطين المحتلة، في وقت كانت أوروبا تشهد تصاعدًا للتيارات القومية المعادية للسامية.
نص وعد بلفور (2 نوفمبر 1917م)
عزيزي اللورد روتشيلد،
يسرني أن أبلغكم بالنيابة عن حكومة جلالته بالتصريح التالي، الذي يعبر عن التعاطف مع طموحات اليهود الصهاينة، التي تم تقديمها للحكومة ووافقت عليها:
“إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي لليهود في فلسطين، وستبذل قصارى جهدها لتحقيق هذه الغاية، على ألا يجري أي شيء قد يؤدي إلى الانتقاص من الحقوق المدنية والدينية للجماعات الأخرى المقيمة في فلسطين، أو من الحقوق التي يتمتع بها اليهود في البلدان الأخرى، أو يؤثر على وضعهم السياسي.”
سأكون ممتنًا لك إذا ما أحطتم الاتحاد الصهيوني علمًا بهذا البيان.
المخلص: آرثر بلفور
أنتهت الرسالة.
أما بالنسبة للأسباب التي دفعت بريطانيا لإصدار هذا الوعد، فهناك أكثر من تفسير، وفقًا لما جاء في تقرير BBC، وأبرزها:
كسب دعم الجالية اليهودية في أمريكا خلال الحرب العالمية الأولى، لما تتمتع به من نفوذ واسع في الولايات المتحدة، بهدف إقناعها بالاشتراك في الحرب إلى جانب بريطانيا.
الاعتقاد الديني بأن العهد القديم من الإنجيل يضمن حق اليهود في فلسطين.
جاءت رسالة بلفور تتويجًا لسنوات عديدة من الاتصالات والمفاوضات بين الساسة البريطانيين وزعماء الحركة الصهيونية في بريطانيا. فقد كان مصير الأراضي الفلسطينية قيد البحث في دوائر الحكم البريطانية بعد دخولها الحرب العالمية الأولى مباشرة.
كما أن أول لقاء عقد بين زعيم الحركة الصهيونية لاحقًا، حاييم وايزمان، ووزير الخارجية البريطاني آرثر بلفور، كان في عام 1904م، وتناول اللقاء موضوع إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين.