المقالات

أحلامنا و المستحيل

هل جربت يوماً أن تتمنى تحقيق شيء، و هو في نظرك أشبه بالمستحيل؟ مع أنه في الحقيقة حلم واقعي يمكن تحقيقه، بما يعني أنه ليس معجزة خارقة أو شيء خارج نطاق الطبيعة، إلا أنك ترى نفسك أقل من أن تنجز ذلك الشيء، لعظمته في نفسك وفي نفوس الآخرين؟

الحقيقة ربما هناك الكثير من الأشياء التي نحلم بها، إلا أننا نتقاعس عن تحقيقها على أرض الواقع، إما خوفاً أو جهلاً، أو حتى كسلاً أو تماشيا مع آراء الآخرين!
هناك العديد من الأسباب التي ربما جعلتنا لا نقوى حتى على النهوض لننظر إلى أحلامنا، باعتبارها واقع يمكن تحقيقه،
و السؤال هنا، لماذا لا نقوى على ذلك؟
ربما لأننا نخاف من المجهول، أو أننا لم نبحث عن كيفية تحقيق ما نتمناه بشكل جدي، و ربما لأننا لا نمتلك المعلومات الكافية، التي تشجعنا على المضي قدما بثقة، أو لعلنا ضخمنا تلك الفكرة في رؤوسنا، حتى بات من الصعب علينا تصديق أنه من الممكن أن نكون قادرين على فعلها، أو لأننا استمعنا إلى وابل من الكلمات المحبطة من أناس يفتقرون إلى الطموح و الشغف، أو حتى الرؤية الواضحة والوقوع في حب نفس الأشياء التي نحبها نحن!
و قد نكون وضعنا لانفسنا الأعذار التي تبقينا في منطقة الراحة بعيداً عن مشقة العمل و الإجتهاد في تنفيذه، مع أنها في الحقيقة منطقة فساد للعقل و الجسم و الوقت، وليست منطقة راحة كما نظن..
لعل هناك من وضع لنا العراقيل بامتصاص طاقتنا و العبث في مشاعرنا، سواء بقصد أو دون قصد، إلا أننا فضلنا التكاسل في أوقات صفائنا وسلامة عقولنا وصدورنا من الضيق وكثرة التفكير..
و لتجارب الماضي أو تجارب الآخرين دور في التأثير على قراراتنا، فلا نقوى على إعادة نفس تلك التجارب الفاشلة، غير مدركين بان الفشل هو وقود النجاح و إلهام للناجحين لتعديل المسار أو تغيير الطريق او الطريقة!
و قد يكون سعينا للمثالية و الكمال و عدم الخسارة، من أكبر العوائق التي تمنعنا من التقدم وتجربة ما نستطيع فعله..
نعم قد يكون الطريق شاقا ومتعباً، إلا أنه ليس عذراً للتوقف الدائم، لا بأس بأخذ استراحة طويلة أو قصيرة، لكن ليس التوقف للأبد!
لعلنا ظننا بأن القطار قد فات، و أننا هرمنا على كل شيء في دنيانا، بما يدفعنا إلى الركود تكاسلاً، مع أن حياتنا قد تنتهي في أي لحظة بقدر الله سبحانه، و قد يطول بنا العمر إلى ما شاء الله، فنعيش ضعف ما كنا نظن من العمر..
إن ذلك يشبه كثيراً تكاسلي عن إكمال لوحاتي الفنية أحياناً، فما أن ابدأ بغمس فرشاتي في الألوان، حتى تنساب على لوحة الكانفس، وكأنها تتراقص وحدها من كثرة الأحاديث التي بداخلها، أو خوفي الشديد حين دعيت إلى أول لقاء إعلامي تلفزيوني دعيت إليه ليلاً، للبث المباشر في صباح اليوم التالي دون تحضير كاف، باعتبارها المرة الأولى التي أظهر فيها على الفضائيات! إلا أن معظم الخوف تلاشى بفضل الله بعد دقيقة تقريباً من بدء اللقاء..
إنه أشبه بأول بطولات الشطرنج التي شاركت فيها، و لم أتوقع تحقيقي المركز الثالث في بطولة جدة للشطرنج السريع، و من ثم المركز الثاني في بطولة المملكة للكلاسيك،
و بما يعيدني لبداياتي عندما كتبت روايتي من نسج الخيال “قصر كاريل هولتر” ولم أتخيل يوما بأنني سأقف على منصة توقيع الكتب في معرض الكتاب بجدة، بل إنه يشبه تقاعسي عن الأعمال المنزلية أحياناً، ومن ثم استرسالي معها حين ابدأ فقط..
لتستمر حياتنا في مجتمع يكتظ بالأعمال، نحن فقط بحاجة لقوة تدفعنا لإتخاذ الخطوة الأولى، و بعد ذلك سيأتي الشغف، و بالتأكيد لن تخطر لنا فكرة نتمنى تحقيقها، و نحن لا نحبها في الأصل..
لنتفق بأن الخطوة الأولى لتحقيق أحلامنا هي طرف الخيط!
و كما يقال: بأن مفتاح الشهية لقمة، و أول الغيث قطرة، فلا تضيع على نفسك فرصة التجربة،
ولا تنس بانه لا بأس أن تفشل، و لا بأس بأن يضيع كل شيء، فالمهم هو أنك قد حاولت في تحقيق ما تحب، و لم تبق متفرجاً ساخطاً مع البقية! و هنا سر النجاح لأحلام ليست بالضرورة من المستحيلات.

• أخصائية تغذية،كاتبة، لاعبة شطرنج في المنتخب السعودي

منار مليباري

أخصائية تغذية،كاتبة، لاعبة شطرنج في المنتخب السعودي

‫2 تعليقات

  1. “إن ذلك يشبه كثيراً تكاسلي عن إكمال لوحاتي الفنية أحيان..”
    هذه العبارة استاذه “منار”عايشتها أنا كثيرا في محطات كثيرة من أحلامي التي لم تتحقق
    والتي مازلت احاول واحاول في تحقيقها واتمنى ان تكتمل هذه اللوحة قبل أن يفوتني القطار ..!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى