المقالات

قصة اليوم العالمي للمرأة

على الرغم من التطور والتقدم الكبير الذي حدث في الحضارة الإنسانية على مر العصور، لا تزال هناك فجوة فاصلة بين الرجال والنساء في الكثير من الأمور الحياتية، حتى في الدول الأكثر تقدمًا في عالم اليوم. حيث يشهد العالم أزمات جديدة ومتداخلة وتآكلًا للحقوق، لدرجة أن الاجتماع السنوي لقادة العالم في المنتدى الاقتصادي العالمي، الذي يُعقد في منتجع قرية “دافوس” السويسرية، تنبأ بأن هذه الفجوة لن يتم إغلاقها تمامًا إلا بحلول عام 2186م.

بدأت القصة في عام 1856م، عندما شهدت شوارع مدينة نيويورك خروج آلاف النساء للاحتجاج على الظروف اللاإنسانية التي يعملن تحتها، ونجحت هذه المسيرة في دفع المسؤولين الحكوميين في ولاية نيويورك إلى النظر إلى مشكلة المرأة العاملة كقضية ملحة لا بد من إيجاد حلول لها.

وتكرر المشهد نفسه في 8 مارس عام 1908م، حيث قام أحد أصحاب مصانع النسيج بإغلاق أبواب مصنعه على العاملات، وأشعل الحريق بالمصنع، وذلك نتيجة لإضرابهن عن العمل ومطالبتهن بتحسين الأجور وظروف العمل.

أدى هذا الحادث إلى وفاة جميع العاملات في مصنع النسيج، والبالغ عددهن 129 عاملة من جنسيات أمريكية وإيطالية مهاجرة.

وبالتزامن مع هذا الحادث، قامت الآلاف من عاملات النسيج بالتظاهر مجددًا في شوارع نيويورك، وكن يحملن في أيديهن “الخبز والورد”، حيث طالبت النساء في تلك المسيرة بتخفيض ساعات العمل، ووقف تشغيل الأطفال، ومنحهن حق الاقتراع.

وتسببت تظاهرة “الخبز والورد” في قيام حركة نسوية داخل أمريكا تطالب بالحقوق الأساسية للمرأة، حيث ترمز “الوردة” إلى الحب والتعاطف والمساواة، بينما يرمز “الخبز” إلى حق العمل والمساواة فيه.

وبعد مرور عام على هذه التظاهرة، أُقيم الاحتفال الأول بهذه المناسبة في الثامن من مارس عام 1909م في أمريكا، تحت مسمى “اليوم القومي للمرأة”، وذلك تذكيرًا بالظلم الذي وقع على النساء العاملات في صناعة النسيج في مدينة نيويورك عندما تظاهرن تنديدًا بظروف العمل القاسية.

وبعد ذلك، تم تبني يوم الثامن من مارس من كل عام كيوم عالمي للمرأة على الصعيد العالمي، وقد اعتمدته الأمم المتحدة لأول مرة في عام 1977م، ليصبح هذا التاريخ رمزًا لنضال المرأة من أجل نيل حقوقها، وذكرى للظلم الذي تعرضت له ومعاناتها على مر العصور.

أ. د. بكري معتوق عساس

مدير جامعة أم القرى سابقًا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى