المقالات

التاريخ الإسلامي في الأندلس!!

ظلت الأندلس تحت الحكم الإسلامي لما يقرب من ثمانية قرون، وعندما تزور المدن والمناطق وتسير في الأحياء القديمة في كل مدينة وبلدة من أقاليم إسبانيا تلمس روحاً ما زالت عالقة بتاريخ طويل أدى إلى ظهور العصر الذهبي للأندلس، وهي فترة من التطور الفكري تُعرف الآن باسم التراث الأندلسي.
إن ما خلّفه المسلمون في طليطلة، التي كانت عاصمة القوط سابقاً، ثم أصبحت مركزاً مهماً للعلوم والترجمة، وصولاً إلى مسقط رأس العالم عباس بن فرناس وصاحب مرثية الأندلس أبو البقاء الرندي في مدينة روندا، هذه المدينة الجميلة العالقة على مرتفعات الجبال الشاهقة بالأندلس وغيرها من المدن، تجد فيها ما يذكّرك بنهضة لا يمكن أن تُشطب من التاريخ الذي يقول في النقش وفي الرخام والزخارف “مغاربي”، وفي الفكر والعلم والشعر “أندلسي”.
وهناك العديد من المدن الإسبانية التي لا تزال تحكي عن التاريخ الإسلامي في الأندلس، من هذه المدن:
غرناطة التي كانت آخر جواهر الأندلس التي فُقدت عام 1492م، واشتهرت بالكثير من المعالم الإسلامية، منها قصر الحمراء، الذي يُعتبر من أجمل المعالم الإسلامية في العالم.
وتُعتبر غرناطة اليوم مدينة جامعية جميلة، لا زالت تحتفظ بطابعها الأندلسي، وتَجذب إليها الملايين من السيّاح سنوياً، وسقوطها أنهى ثمانية قرون من الحكم الإسلامي في الأندلس.
مدينة إشبيلية التي كانت عاصمة للدولة الموحدية، ومركزاً مزدهراً في التجارة والعلم والأدب والفن، وقد بُني فيها جامع كبير تحوّل بعدها إلى كاتدرائية، وبقي منه برج “الخيرالدا” الذي كان في السابق مئذنة في المسجد الكبير في عهد الموحدين.
وإشبيلية واحدة من أجمل المدن الإسبانية، وتشتهر بالعمارة الإسلامية، وكانت ثاني أكبر مدينة في أوروبا في العصور الوسطى بعد مدينة القسطنطينية عاصمة الإمبراطورية الرومانية.
مدينة سرقسطة كانت مركزاً ثقافياً وعلمياً هاماً، خاصة في حكم بني هود، والتي تعود إلى هود بن عبد الله الجذامي من قبيلة جذام؛ وهي سلالة عربية من ملوك الطوائف في الأندلس.
وسرقسطة هي مدينة هادئة في شمال شرق إسبانيا، ولا زالت تحتفظ ببعض الآثار الإسلامية مثل قصر الجعفرية، وهو قصر مُحصن بُني في النصف الثاني من القرن الحادي عشر الميلادي في عهد المقتدر بن هود أمير سرقسطة؛ ويرجع اسمها إلى “قيصر أغوسطا” منذ العصر الروماني، وتحوّل في اللفظ الإسلامي إلى “سرقسطة”.
مدينة “جيان” تقع في الشمال الغربي لمنطقة أندلسيا، كانت مدينة استراتيجية دفاعية، لأنها تشتهر بكثرة الحصون والقلاع، واليوم تشتهر بزراعة الزيتون، وتُلقب بعاصمة زيت الزيتون في العالم.
وتحتوي مدينة جيان على قلعة ضخمة تطل على المدينة اسمها “قلعة سانتا كتالينا”، والتي تم بناؤها على أنقاض حصن إسلامي عام 1683م.
مالقة والتي كانت ميناءً هاماً ومركزاً تجارياً على البحر المتوسط، حكمها المسلمون لعدة قرون، ولا زالت آثارهم واضحة في القلعة “القصبة” الموجودة في المدينة.
ومدينة ملقة مدينة ساحلية، ومن أكبر مدن الأندلس الحديثة، وهي مسقط رأس الفنان الشهير بابلو بيكاسو.
وأختم بمدينة قرطبة، مدينة ابن حزم التي كانت عاصمة للخلافة الأموية في الأندلس، ومن أهم مدن أوروبا من حيث الحضارة، فيها الجامع الكبير الذي تحوّل إلى كاتدرائية.
وقرطبة اليوم مدينة هادئة، مليئة بالتراث الإسلامي؛ وفي القرن العاشر كانت أكبر مدن العالم اتساعاً، بحلول عام 323هـ، بلغ عدد سكانها حوالي نصف مليون نسمة.

أ. د. بكري معتوق عساس

مدير جامعة أم القرى سابقًا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى