في البداية، ولإبعاد الشبهة، أنا مكاوي للنخاع، لذلك فإني أحب الوحدة، وكما يقال في الأمثال: “الوحدة وحدتنا، والفوز عادتنا”. ولكن أيضًا أقر وأعترف، وأنا بكامل قواي العقلية، أني أعشق الاتحاد منذ الصغر، ولهذا قصة إليكموها بالتفصيل:
كان للوالد -رحمه الله- ابن خالة هو الشيخ أحمد بن عبد الواحد جزار -رحمه الله-، من مواليد مكة، وبحسب ظروف العمل انتقل إلى جدة وأصبح من أعيانها. تقلد وظيفة عمدة محلة الصبخة، أحد أحياء جدة القديمة، وقد تحول بعدها الاسم إلى حي الشاطئ، إن لم تخني الذاكرة.
كان للعم العمدة أحمد جزار نقيب حارة يدعى (القعيطي)، وكان من كبار مشجعي فريق الاتحاد، لدرجة أنه كان يُصاب بوعكة صحية إن حصل وهُزم الاتحاد من خصومه في لعبة كرة القدم في تلك الفترة الزمنية، وهما على الترتيب: (الوحدة والأهلي)، وبدرجة أقل فريق الهلال البحري بحدة، ما علينا!
كان العم (القعيطي)، نقيب حارة حي الصبخة، يطلب من العمدة أحمد جزار أن يسمح له بأن يأخذنا معه إلى ملعب الاتحاد القديم في طريق المدينة لمشاهدة نجومه من أمثال: سعيد غراب، والكيال، وأبو غنم، وكعدور، وعيال بكر عبدالله وشقيقه عبدالرزاق، وخلال الرحلة من منزل العمدة العم أحمد إلى غاية الوصول لملعب الاتحاد، يقوم العم (القعيطي) بإعطائنا دروسًا عن تاريخ الاتحاد والبطولات التي حققها، وأن من يشجع الاتحاد يشعر بالفخر والاعتزاز؛ لأن فريقه دائم الفوز، وضرب لذلك أمثلة، ونحن نستمع عن الكثير من رجالات الدولة من كل المناطق يشجعون الاتحاد، وكما يقول المثل المكي: “كثر الدق يفك اللحام”، ومن يومها علّمنا النقيب (القعيطي) حب الاتحاد ونحن صغار؛ وكما يقال: “العلم في الصغر كالنقش في الحجر”، صعب محوه.
ومن المواقف الصعبة التي مرت عليّ بسبب حبي للاتحاد، أذكر أنني حضرت مباراة في ملعب الصبان بين الاتحاد وأحد الأندية، ولم أكن أعلم أنني في مدرج جماهير الفريق الخصم، وحصل أن سجل الاتحاد هدفًا، وبمجرد ما بدأت أعبر عن فرحتي، انهالت عليّ اللكمات من كل جانب، ومن بعدها أصبت بالفوبيا من حضور المباريات في الملاعب، واكتفيت من تلك اللحظة بمشاهدة المباريات من خلف الشاشة.
دعاني للكتابة شخص اتحادي للعظم والنخاع، وبقية الأعضاء، كلما ذكرت له ميولي الاتحادية لا يصدق، وفي إحدى المرات قلت له: “تصدق ولا أحلف لك”، مثل رائعة طلال مداح، كلمات الشاعر المكي شاعر النشيد الوطني، العم (إبراهيم خفاجي)، رد عليّ قائلاً: “الشيء الوحيد اللي يجعلني أصدقك أن تكتب مقالًا يعبر عن حبك للاتحاد”، وها أنا الآن أفصح عن هذا الحب في مقال، فهل صدقتني الآن أبا (فارس)؟ وعلى فكرة، مبروك مقدمًا بطولة الدوري هذا العام.