المقالات

السعودية العظمى وميلاد البصر في عين حاج

في أطهر بقاع الأرض مكة المكرمة، تتنفس الأرواح الطهر والإيمان والسكينة، وتتسابق القلوب إلى الله ورجوان رحمته وغفرانه، حيث تجسد المملكة العربية السعودية فصلاً نادرًا من فصول الكرامة الإنسانية، لا بالحبر ولا الكلام، ولكن بالفعل. بلاد الحرمين ومهبط الوحي لا تكتفي بأن تحتضن ضيوف الرحمن من شتى بقاع المعمورة، بل تمنحهم من الرعاية والاهتمام ما يفوق التوقعات، وتستقبلهم بحب يشبه ما في الحرمين من قدسية وسكينة وروحانية. ومن بين مبادراتها التي تفيض إنسانية، تشعّ بالأمل والنور “مبادرة أبصر في مكة” ولادة النور في عين معتمة، وكأمل يولد من ساحة البيت الحرام. هذه المبادرة أطلقتها جمعية “يبصرون للعيون” لتمنح أولئك الذين أثقلتهم غشاوة البصر طوال حياتهم أمنية لرؤية الحياة لتبصر اعينهم الكعبة المشرفة لينعموا بنور جديد ينسيهم معاناتهم. ففي ذروة موسم الحج وحين تختلط المشاعر وتتوافد جموع الحجيج، تفتح المملكة قلبها الكبير وانسانيتها كما تفعل دائمًا وابدا، من منح المحتاجين ما هو أعمق وأسماء من الخدمة، بل تمنحهم الحياة من جديد. فبكوادر سعودية مؤهلة وذات خبرة عالية في طب العيون وبأحدث الأجهزة الطبية، تُجرى عمليات إزالة المياه البيضاء لحجاجٍ جاءوا يلبون لله راجين إتمام نسكهم وتحقيق امانيهم، حيث بعظهم فاقد القدرة على رؤية بهاء المكان المقدّس الطاهر فربما دعوا الله متضرعين فاستجاب دعائم بعودة ابصارهم بفضل الله ثم بفضل مبادرة أبصر في مكة، ليس ذلك منّة، بل عهد قطعته المملكة على نفسها بأن كل من يطأ أرضها حاجًا يعود منها أخف ألما وأوفر صحة. “أبصر في مكة” ليست مجرد اسم، بل هي رسالة إنسانية سامية كتبت بلغة النور والأمل وتحمل في طياتها ملامح رؤية المملكة 2030، التي وضعت الإنسان وكرامته ورعايته في قلب مشروعها، فهيكلة تعريف الرعاية على أنها عطاء يتجاوز الحدود الجغرافية ويحتضن الإنسان بصفته إنسانا فحسب. إنها رؤية وطنية عظيمة من قيادة حكيمة جعلت من خدمة ضيوف الرحمن رمزا وشرفًا ومن العمل الخيري التزامًا راسخًا وهما وطنيا. وحين نرى أمّ تبكي وقد عاد البصر لابنها او ابنتها، أو يسجد حاجا باكيا وهو يرى الكعبة لأول مرة، ندرك أن ما تفعله المملكة العربية السعودية لم يكن علاجًا فحسب، بل يتجاوز أنبل معايير الكرامة الإنسانية. كل الشكر والعرفان لحكومة خادم الحرمين الشريفين، التي سخّرت الإمكانات، ورعت المبادرات، وكتبت في أعين الحجيج قصة نورٍ لا تنسى، وجعلت من مكة مهبطا للرحمة والإنسانية، لا للعبادة وحدها، بل للشفاء وإعادة الأمل أيضًا. ولذلك، أثبتت المملكة العربية السعودية أن الحرمين في حماها ليسا فقط مكانًا للعبادة، بل وطن يحتضن فيه الإنسان، وترد إليه كرامته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى