المقالات

الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الوعي المجتمعي

يشهد عصرنا الحالي تسارعا متناميا في مجال التحول الرقمي، حيث أصبحت أدوات الذكاء الاصطناعي عنصرًا مهما ومحوريًا في منظومة التواصل والإنتاج، ولهذا توسعت تطبيقاته لتشمل مختلف جوانب الحياة اليومية. ومع هذه الطفرة النوعية المتسارعة في التقنية تنوعت أنماط استخدام هذه الأدوات فيما يعكس وعيًا حضاريًا ومسؤولية مجتمعية بالاستخدام والتسخير الأمثل لهذه التقنية من خلال إنتاج محتوى تعليمي او استخدامه في القطاع الخدمي في تسخير هذه الأدوات المتطورة المدعومة بالذكاء الاصطناعي في مجالات شتى في المملكة العربية السعودية ومنها على سبل المثال وليس الحصر , ففي المشاعر المقدسة بمكة المكرمة أستخدم الذكاء الاصطناعي من قبل الجهات المنظمة في إدارة الحشود وتحليل الحركة و الرصد والتنبؤ بالمخاطر والروبوتات الذكية لخدمة الزوار والخدمات الرقمية للحجاج والمعتمرين ” تطبيق نسك ” وكأن لها الأثر من حيث رفع كفاءة الخدمات وتقليل المدة الزمنية للانتظار والحركة بشكل انسيابي والوصول لمواقع الحوادث في زمن قياسي , يعدمن أبرز الأمثلة في تسخير التقنية لخدمة الإنسان لاسيما في مواسم الحج والعمرة . وعلى النقيض من ذلك هناك من ينتج ويسخر استخداما سلبيًا يخرج عن أهداف واخلاقيات استخدام التقنية. لقد بات من الواضح أن بعض ما يُنتج باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، سواء كان صورًا أو مقاطع مرئية أو محتوى رقميًا، لا يخدم غايات التعليم أو الإبداع أو الإثراء الثقافي، بل يُسخّر لإثارة الجدل والعبث والإساءة، تحت ذرائع محتوى ساخر او كمدي مع ان هذه الممارسات في جوهرها لا تعبّر عن تقدم معرفي أو تقدم ونضج تقني، بقدر ما تكشف عن خلل في الوعي الأخلاقي وضحالة المحتوى الرقمي. مع الرغم بإن التقنية في ذاتها لا تحمل طابعًا أخلاقيًا محددًا، فهي أداة يحدد أثرها بناء على مستخدميها وطرق توظيفهم لها، ولذلك أتاحت لنا أدوات الذكاء الاصطناعي فرصًا عظيمة لصناعة محتوى تعليمي متقدم وتحسين جودة الخدمات والمساهمة في حل المشكلات وتدارك الأزمات كما ذكر في بداية المقال ، ففي ظل غياب الوعي والعبث التقني لدى بعض الافراد قد تُستغل وتستخدم لإنتاج محتوى هابط ومبتذل مدفوعًا برغبة الشهرة والوصول لمشاهدات عالية لا بروح المسؤولية عما ينتج وما يتناسب مع ذائقة المتلقي والذوق العام. المسؤولية هنا لا تقع على عاتق المبرمجين فقط، بل تتجاوز إلى كل من يستخدم هذه التقنية أو يساهم في إنتاج أو تداول المحتوى غير اللائق أخلاقيا ومجتمعيا. فالمشاركة في نشر ما يمس ويخدش الذوق العام أو يفتقر إلى البعد الأخلاقي هو إسهام مباشر في تلويث بيئة التواصل الرقمي وإضعاف وعي الأفراد والإضرار بسلامة النسيج الاجتماعي. ومن هذا المنطلق تبرز الحاجة إلى بناء وعي مجتمعي يرتكز على الاستخدام الأمثل للتقنية ويعزز الاستثمار الإيجابي في أدوات الذكاء الاصطناعي ويقف وقفة جادة أمام كل من يستغل هذه الأدوات عن مضامينها السليمة. كما أن دور الجهات المختصة في وضع أطر تنظيمية ورصد ما يُنشر عبر المنصات الرقمية يعد أمرًا ضروريًا لضمان توافق المحتوى مع القيم الوطنية والإنسانية.
وختاما، فإن المجتمع الواعي هو الذي يسخّر أدوات التقنية المتطورة التي تعد نعمة جليه في خدمة البناء والتطوير لا الهدم ويجعل منها وسيلة للرقي والتقدم لا أداة للسخرية والابتذال والشهرة بمقاصد مبتذلة. الشخص المستشعر للمسؤولية هو من يحسن استخدام هذه الأدوات بما يعكس قيمه ومبادئه وأخلاقه النبيلة ويسهم بها في ترسيخ أخلاقيات استخدام التقنية وإثراء مجتمعه بما هو نافع ومفيد .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى