المقالاتعام

الساعاتي فارق الحياة في أحضان حبيباته

همس الحقيقة

سبحان الله، لا يعلم المرء متى وأين يفارق حياته الدنيوية، والدكتور أمين ساعاتي شاءت مشيئة الله أن تكون آخر لحظات حياته بين
أحضان حبيباته “الكتب” أثناء زيارته لمكتبة
“جرير”، هناك سقط مغمياً عليه بدون سابق إنذار، فقد كان في تمام الصحة والعافية، وتم إسعافه على الفور بسيارة إسعاف ونقله للمستشفى الألماني، ولكن وافته الأجل.
“رحمه الله وأسكنه فسيح جناته”.
• بعد علمي برواية موته من الزميل الصديق عادل عصام الدين، تأملت لحظات في الوقت والمكان الذي اختار له قدره المكتوب عند رب العباد وفاته ومفارقة حياته، فقد كان
أبو تميم محباً عاشقاً منذ طفولته للكتب،
ويملك في بيته مكتبة فاخرة عامرة بمجموعة من الكتب القيمة لكبار المؤلفين، إضافة إلى عدد كبير من الكتب التي قام بتأليفها كمؤرخ،،حرص على توثيق الحركة الرياضية السعودية في موسوعة متكاملة، إلى جانب مؤلفات أخرى متنوعة تؤرخ تاريخ الدولة السعودية، ملوك وأمراء، وجزء من تاريخ له علاقة بمدينة جدة، وما وصلت إليه المرأة السعودية منذ بداية تعليمها إلى العهد الزاهر الحالي الذي ينعم به المواطن السعودي.
• قبل أسبوع تقريباً، طلب من الزميل العزيز الدكتور أحمد العرفج الظهور معه في إحدى حلقات برنامجه الناجح “أهلاً بالعرفج”، للحديث عن آخر إصدارات كتب المؤرخ الرياضي الدكتور أمين ساعاتي فيما يخص عمادة نادي الاتحاد، فقلت له: لقد سبق أن أرسل لي الدكتور امين نسخة إلكترونية، وعيب هذه النسخ الإلكترونية أنها تختفي بعد فترة من الزمن، فقال: سوف أتواصل معه لعله يرسل لي هذه النسخة، ثم أرسلها لك لتعطيني انطباعك الشخصي عمّا قرأته، وأبلغني أنه تم التواصل معه، إلا أنه مسافر، وبعد عودته سيلبّي طلبه، وقال لي: كان حديثه فيه من التواضع والطيبة، ولم نكن نعلم أنا وابو سفيان أنه سيفارق هذه الدنيا قبل حصولنا على تلك النسخة.
• جمعتني مع الراحل الكثير من المناسبات والحوارات عبر الهاتف الجوال، وآخر مرة التقيت به في بيته العامر كنا أنا وبعض محبيه، وجّه لنا الدعوة لتناول طعام العشاء والاطلاع على مكتبته العامرة، والتقط أحد أبنائه الصور التذكارية لنا بهذه المناسبة، عرفته طيباً على درجة كبيرة من الخلق، لا يحب التعليق على من يسئون له أو من يختلفون معه في الرأي أو المعلومة، وحينما ألحّ عليه، يرد عليّ: يا عدنان خليهم يكتبوا، التاريخ سوف يُنصف الصادق، ولن أسمح لنفسي بعد هذا العمر أن أدخل معاهم في جدال وأنزل لمستواهم، كان -يرحمه الله- “معتزاً بنفسه”.
• لا أعرف لماذا تذكرت الفنان الراحل طلال مداح في لحظة وفاته، وقارنتها بلحظات وفاة الدكتور أمين ساعاتي، فكلاهما مات في أحضان من يحب، ولله في خلقه شؤون، رحمهما الله ورحم جميع موتى المسلمين.
• تناولت القنوات السعودية خبر وفاته، ووزير الرياضة الأمير عبدالعزيز بن تركي خص المرحوم وأهله بتغريدة عزاء، ومن المؤكد أن هذه الشخصية الفذّة التي عاشت في هدوء تام وماتت في هدوء تام، ستنال قريباً حقها من التكريم الذي يليق بما قدمه للرياضة والرياضيين، والصحافة الرياضية، والإعلام السعودي عموماً، والوطن من عطاء وجهد، وللمكتبات السعودية والعربية .

عدنان جستنية

كاتب وناقد صحافي

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. السلام عليكم
    الشكر كل الشكر على هذا المقال الرثائي الضافي عن شقيقي الأكبر الدكتور امين رحمه الله، مقال رائع من شخص رائع اكرر شكري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى